النجاح الإخباري - صدق الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما اختار سمو الشيخ صباح الأحمد حفظه الله وعافاه ليقدم له جائزة الاستحقاق العسكري الأميركي.
صدق لأن صاحب السمو يستحق هذا التقدير وأكثر، وصدق لأنه اختار الشخص الصح في المناسبة الصح.
لكنه كذب عندما أراد أن يستغل هذه المناسبة لدفع حملته الانتخابية وكسب أصوات اليهود الأميركان، ويسجّل انجازاً جديداً بالخيال فقط، نعم..... كذب عندما قال إن الكويت متحمسة للتطبيع! فالمناسبة التي تكلم فيها وإن تواجد فيها ابن سمو الأمير، والمكلف من سموه بتسلم الجائزة إلا أنه ليس مسؤولاً يعتبر حديثه موقفاً رسمياً، بل كانت مناسبة اجتماعية كرّمت فيها الولايات المتحدة شخص سمو الأمير حفظه الله وعافاه وحضر نيابة عنه ابنه الشيخ ناصر الصباح!
الرئيس الأميركي لم يستوعب حقيقة الموقف الكويتي من التطبيع، وظن أن جميع دول الخليج سهلة المراس، وأنه يستطيع أن يوجه سياستها وفقاً لرؤيته المتناسقة مع مصلحته الانتخابية المقبلة!
الكويت تحترم شعبها وتحترم ميثاق جامعة الدول العربية وتحترم قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي، وكلها تدعو إلى عدم إهدار الحقوق الفلسطينية وتؤكد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة عاصمتها القدس!
إذا عجزت الدول العربية والدول الإسلامية اليوم عن تحقيق هذه المطالب، فلا يبرر ذلك التنازل عن هذه الحقوق! حتى أهل فلسطين لا يملكون أن يتنازلوا عن القدس للصهاينة تحت أي ذريعة! وإذا عجزنا اليوم عن تحريرها، فسيأتي الله بجيل يحقق هذه الأمنية ولو بعد حين، وما ذلك على الله بعزيز!
إن الشيعة في الكويت، والتيار الإسلامي السني، والتيار العروبي، والتيارات الليبرالية، والتيار الشعبي، والأسرة الاقتصادية، والقبائل الشمالية والجنوبية في الكويت، وقبل كل هؤلاء القيادة السياسية، كلهم يرفضون إهدار الحق الفلسطيني والتنازل عن القدس تحت أي ذريعة!
الذي لا يعرفه دونالد ترامب أن الكويت حكومة وشعباً لا يصلح أن يتعامل معها كما تعامل مع غيرها من بعض دول العالم الثالث! فالشعب الكويتي واع ومثقف، وشاهدَ ماذا عمل التطبيع في الأردن ومصر، ولاحظ تردي الأوضاع الاقتصادية في تلك البلدان من دون أن يشفع لها التطبيع، ونعرف جيداً كيف أن بعض هذه الدول كادت تعلن إفلاسها لولا تدخل الكويت والسعودية لإنقاذ اقتصادها من الانهيار!
الذي لا يعرفه دونالد ترامب أن التفوق العسكري لدولة الكيان الصهيوني ليس هو نهاية المطاف، وإلا لما أرعبت حجارة الطفل الفلسطيني الجندي المدجج بالسلاح والقنابل، ولما جعلت صواريخ القسام المحلية الصنع ربع شعب صهيون تنام بالملاجئ طوال الليل! لأن الإيمان بالحق الفلسطيني، والثقة بعودة الحق لأهله عاجلاً أم آجلاً، هما عنصر الثبات والتفوق!
ما لا يدركه ولن يدركه دونالد ترامب أن القدس قضية كل العرب قبل أن تكون قضية الفلسطينيين، وأنها قضية كل المسلمين قبل أن تكون قضية العرب وحدهم! لذلك، التنازل عنها لا يملكه الفلسطينيون فضلاً عن أي دولة أخرى!
قد يخسر ترامب التجديد الرئاسي، وعندها سيخفّ الضغط عن دول الخليج للتطبيع مع الصهاينة!