د هاني العقاد - النجاح الإخباري - اسرائيل لا عهد لها ولا تحترم اتفاق ولا معاهدة ولاتفاهمات ولا اي شكل من اشكال الاتفاقات مع اي طرف فلسطيني او غير فلسطيني ,عربي او اجنبي هذه عقيدتهم لن يتخلوا عنها لانهم  جبلوا عليلها  منذ الخليقة , عندما تكون اسرائيل في مازق تقبل بعقد الهدنة او عندما تريد تحسين سمعتها العدوانية تقبل بمعاهدات سلام ما  كما تلك التي عقدتها مع منظمة التحرير في اوسلو والتي تراجعت عنها بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي نصت عليها المعاهدة وبدات تنسحب منها خطوة خطوة حتي وصلت لان لتبقي الفلسطينين وحدهم المتمسكين بهذه المعاهدة وبالتالي ينفذوا بنودها لصالح اسرائيل.

هذا ما يحدث الان بالضبط في مسالة التفاهمات التي توصلت اليها حماس مع اسرائيل بفعل الوساطة المصرية منذ 2014 والتي سرعان ما وظفتها اسرائيل لصالحها , تلزم ببعض بنودها متى ترى ذلك مناسبا لها وتتملص من مجملها عندما لا يروق لها ذلك او تسحب بعض ما جاء فيها من تسهيلات للفلسطينين حتي تخنق القطاع الذي تحكمة حماس لتبتز حماس اكثر فاكثر وتوظف وجودها اجرائيا لمزيد من الهدوء على الحدود مع غزة بفتات من تسهيلات .  

الاسبوع الماضي عادت البالونات المفخخة والحارقة بالتطاير فوق المستوطنات الاسرائيلية علي غلاف غزة  انطلاقا من غزة بعد فترة طويلة من الهدوء وعاد التوتر بين الجانبين , نتنياهو اعتبر ذلك له علاقة مع ايران وحذر الفصائل الفلسطينية بدفع ثمن باهظ ان استمر ذلك . لم يتوقف التهديد عند نتنياهو بل المنظومتين العسكرية والامنية فقد لمحتا بانهما ستوقف هذه الهجمات التي اتت علي الالاف الدنمات المزروعة والحرجية حتي لو عادت لسياسة الاغتيالات و وضعت احتمالات للمواجهة علي اثر ذلك .  الفلسطينين يعرفوا ان اسرائيل في حيرة الان من امرها للرد علي تلك الهجمات لانها لا تستطيع الدخول في مواجهة غير محسوبة النتائج قد يدفع نتنياهو شخصيا ثمنها لكن الرد الاسرائيلي جاء في سياسة تضيق الخناق علي حماس والضغط عليها لتوقف تلك الهجمات بالقوة فقد اغلقت معبر كرم ابو سالم التجاري ومنعت وصول المحروقات اي البترول بانواعه للقطاع بالاضافة لكل انواع مواد البناء ليس هذا فقط بل اغلقت البحر ومنعت الصيد البحري لسكان غزة   للاستمرار بشن هجمات بصورايخ الطائرات والدبابات علي اهداف تقول انها بنية تحتية للمقاومة الفلسطينية . 

المعادلة الان اصبحت اكثر وضوحا بين حماس واسرائيل , حماس تحاول ترميم التفاهمات لصالحها لانها  تأكلت بفعل تنكر اسرائيل لها وعدم احترامها بل وتنصلت من كثير من البنود التي تضمنها ومن ضمنها خطط تنمية الاقتصاد الغزي  ومد خط كهرباء جديد لغزة وتوصيل الغاز لمحطة الكهرباء . ان عودة البالونات الحارقة اليوم بات مفهوما انه لهدف رفع الحصار عن غزة وتثبيت معادلة الهدوء مقابل مشاريع اقتصادية ورفع الحصار واسرائيل تريد تثبيت معادلة تقول ان اي تنمية اقتصادية في القطاع رهينة باعادة حماس الجنود الاسري لديها هناك والذين احتجزتهم بحرب 2014 وبعدها و بالتالي تتهرب من عقد صفقة تبادل جديدة تطلق فيها اسرائيل الالاف الاسري الفلسطينين  . لا تقارب بين الموقفين لان حماس تعتبر قضية الاسري قضية مختلفة تماما عن ما تريده اسرائيل وان ارادت اسرائيل انجاز صفقة تبادل لها معايرها وشروطها وحماس قالت انها  مستعدة ان تنجز ذلك وتعيد ما لديها من اسري لاهلهم الاسرائيلين شريطة ان يعود الاسري الفلسطينين  المرضي والقدامي والاطفال والنساء الي اهلهم ايضا ويتحرر اسري صفقة شاليط قبل الحديث عن اي تقدم لانجاز اي صفقة  . الوسيط المصري حضر الي المنطقة  لانقاذ المنطقة ونزع فتيل مواجهة مسلحة قد يتدحرج اليها الطرفان , نقل مطالب حركة حماس الي اسرائيل والي تعتبرها اسرائيل اكبر من انها تستطيع تحقيقا رزمة واحدة  .  

اسرائيل تعتقد انها اذا حاولت اقناع قطر باعادة ضخ الاموال ومساعدة اهالي غزة  فانها بذلك تكون اعطت الكثير لحماس وبالتالي استمرت في الاتصالات مع قطر لتحقيق هذا الامر , لكن حماس لم تقبل ذلك  وطالبت الوفد المصري بان يبلغ اسرائيل بان صبر الفلسطينين قد نفذ وان اي فعاليات علي طول الحدود لن توقف الا بعد تحقيق  المطالب والتوصل لاتفاق جديد . لا اعتقد ان المشهد المتأزم في غزة يصلح له حلول مؤقتة وبقاء الوضع علي ما هو علية بالسابق   , لن تنجح حلول ترقيعية في نزع فتيل احتمال مواجهة عسكرية يدفع فيها الجميع اثمان كبيرة . انا اعتبر ان العودة لتفاهمات هشة قابلة للسحب بيد اسرائيل متي رأت اسرائيل ذلك  هو تاجيل للمواجهة التي لابد منها يوما من الايام لتفتيت معادلة اسرائيل التي تتمسك بها كمعبر كرم ابو سالم والبحر ليس اكثر , لذلك  يتوجب ان يضغط  وفد المخابرات المصرية علي دولة الكيان لتحسن شروط التهدئة  بما يضمن تحسين حياة اهل غزة مع ضمانات بعدم عودة اسرائيل عنها مع حق الفلسطينين في غزة بالمقاومة الشعبية  حسب معطيات الصراع مع اسرائيل.  نحن الان امام مشهد معقد اسرائيل تقول ان حماس تريد الكثير وكل شي واكثر مما تستطيع اسرائيل دفعه , وحماس تقول انها لن تقبل برزمة تسهيلات هزيلة وجوفاء تسحبها اسرائيل متي تشاء وبالطبع لن تحل المعضلة ما دامت المصالحة الفلسطينية لم تتحقق وهناك  غياب كامل للحل السياسي الشامل  وتتنكر اسرائيل لوحدة مصير غزة والضفة والقدس  في دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس . 
Dr.hani_analysisi@yahoo.com