عبد الناصر عطا الأعرج - النجاح الإخباري - تشهد القضية الفلسطينية تراجعاً ملحوظً في دعم بعض دول العالم ، ولا بد هنا من دراسة قارة كاملة كيف كانت وكيف أصبحت ، وهي دول امريكا اللاتينية ( القارة اللاتينية ) .
القارة اللاتينية والتي لها تاريخ مشرف مع القضية الفلسطينية وتحديداً مع بداية السبعينات من القرن الماضي ، حيث بدأت تحالفات منظمة التحرير وفصائلها مع أحزاب يسارية في دول امريكا اللاتينية ، وتمثلت العلاقة الحميمة والتاييد التام بشكا جلي وواضح ، وبعد العام 2007 بدأ منحى التراجع في التأييد من طرف بعض تلك الدول في القارة .
تجمعات فلسطينية كبيرة اكثر من 18 دولة في القارة ، كانت تنبض بحب فلسطين، وتزخر بالإمكانات ، منهم وزراء ونواب برلمان وأصحاب نفوذ وأثرياء ورجال تجارة وصناعة وزراعة .
اليو وفي في ظل غياب موقف رسمي من أغلب دول القارة اللاتينية ، وفي نفس الوقت أن تسجل عريضة إحتجاج هامه وموقعة من قيادات سابقة ورؤساء سابقون ووزراء سابقون وكتاب وفنانون ، تدعم الشعب الفلسطيني ، لذلك كان واجباً وطنياً وأخلاقياً علي أن أوضح أسباب تراجع المواقف الرسمية لأغلب تلك الدول في ظل ما يعيشه الشعب الفلسطيني من معاناة وقهر بسبب تصرفات أقبح إحتلال في التاريخ ، ولا بد لي أن أتذكر معكم كيف استطاعت منظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية وفصائلها توثيق العلاقات مع تلك الدول منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي ، وكيف وصلت تلك القيادات الفلسطينية الى الأحزاب اليساارية هناك ، سواء عبر الرئيس الراحل ياسر عرفات أوالسيد الرئيس الفلسطيني ابو مازن أو الاخ القيادي ابو اللطف او اليسار الفلسطيني ، وكيف تراجعت اليوم علاقتنا مع تلك الدول وتحديداً بعد العام 2007 .
بخصوص دول القارة اللاتينية والكاريبي وخاصة في وقت قد توغلت دولة الاحتلال الاسرائيلي في تلك الدول ، وضعف الاداء الدبلوماسي الفلسطيني ، فقد تراجع الاهتمام بالقضية الى درجة كبيرة جداً واستطاعت دولة الاحتلال الاسرائيلي تشكيل شبكة من العلاقات الدبلوماسية والسياسية والأعلامية التي أدت الى نتائج متقدمة للإحتلال واللوبيات الصهيونية هناك .
منذ إنطلاق الثورة الفلسطينية وتعدد مراحلها كان هناك مد وجزر في العلاقات مع دول العالم كافة ، ولكن وبعد منتصف السبعينات تطورت العلاقات بين منظمة التحرير الفلسطينة وبين أغلب دول العالم كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني .
كانت العلاقات الفلسطينية مع دول امريكا اللاتينية والكاريبي في أفضل مراحلها ، وكانت قيادة منظمة التنحرير الفلسطينية وفاصائلها على تواصل مباشر مع تلك الدول ، وكانت الجاليات الفلسطينية تقدم الغالي والنفيس لدعم الثورة والمنظمة سراً وعلانية .
بعد اوسلو وبعد قيام السطة الفلسطينية وحتى أواخر العام 2007 كما ذكرنا بقيت العلاقات الفلسطينية مع دول العالم مقبوله إن لم تكن جيدة ، وبعد ذلك تراجعت مواقف اغلب دول امريكا اللاتينية بعض الدول الاوروبية والبعض الاخر من دول العالم ، تراجع بشكل ملحوظ وبدأنا نخسرالقارة اللاتينية ذات الوفاء القديم والاخلاص الصادق لفلسطين وشعبها .
كانت البداية عندما قرر الرئيس الراحل كاسترو قطع العلاقة مع دولة الاحتلال الاسرائيلي ، والإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وفتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية ومن ثم القرار الكوبي بفتح سفارة لفلسطين في العاصمة الكوبية هافانا .
وتصدرت كوبا دول العالم في دعم كفاح الشعب الفلسطيني عن حقوقه بكل الطرق والدعم السياسي والتعليمي للفلسطينيين وقامت بقطع علاقاتها مع ( اسرائيل ) وذلك في العام 1973 والاعترفت بمنظمة التحرير.
محطة أخرى من التاريخ ، حيث كان لترشح الرئيس المكسيكي السابق لويس اشيفيريا لرئاسة الامم المتحدة في العام 1976 ، حيث حصل اشيقيريا على دعم الدول العربية كافة في الترشح ، وبعد أن التقى بالرئيس الراحل ياسر عرفات في الاسكندرية في مصر طلب منه الرئيس عرفات الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وفتح مكتب للمنظمة في العاصمة المكسيكية نيومكسيكو وتم قبول الطلب وتم ذلك فعلاً .
أما في نيكاراغوا ففي العام 1979 وبعد صعود الثورة الساندينية الى الحكم وإسقاط الدكتاتور اناستاسيو سوموزا ، ورغم أن اليسار الأميركي اللاتيني معروف بمواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، فإن لتجربة اليسار النيكاراغوي ممثلا بالجبهة الساندينية خصوصية مختلفة، حيث ارتبطت الثورة اليسارية هناك بشكلٍ مباشرٍ مع الفصائل الفلسطينيّة، حيث عملت قوات الثورة الفلسطينية على تدريب الثوار في نيكاراجوا ، وتدرَّب على يدي أفرادها على حرب الشوارع الثوار النيكاراغويين ، وكانت في نهاية الثورة هناك التجربة المتفردة بالدماء ، سواء بإستشهاد باتريسيو أورغويّو (من أب نيكاراغوي وأم أميركية) عام 1970، خلال مشاركته مع فدائيين فلسطينيين حيث استشهاد سليم شبلي (من أب فلسطيني وأم نيكاراغوية) برصاص سوموزا عام 1967، حتى أطلقت الجبهة اسمه على حي كامل في العاصمة مناغوا . ، وتم الاعتراف بمنظمة التحرير وفتح مكتب للمنظمة في اوائل السبعينات بشكل رسمي .
وقد تجلى دور دول القارة اللاتينية عندما صدر قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 3379 والي يماثل الصهيونية بشكل من الاشكال العنصرية ، كان ذلك بتاريخ العاشر من تشرين الثاني لعام 1975 ، حيث صوتت 72 دولة بنعم ، مقابل 35 بلا ، وامتناع 32 عضواً عن التصويت ، حيث حدد القرار أن الصهيونية هي شكل من اشكال العنصرية وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيدولجية الصهيونية ، والتي حسب القرار تشكل خطراً على الأمن والسلم العالمي ، حيث تصدرت دول امريكا اللاتينية بالتصويت بنعم وعلى رأسها البرازيل والمكسيك كوبا وغيرها من دول القارة ، وكثيراً ما يُستشهد بهذا القرار في المناقشات المتعلقة بالصهيونية والعنصرية. وقد ألغي هذا القرار بتاريخ السادس عشر من كانون الاول عام 1991 بموجب القرار 46/86.
علينا العلم ايضاً ، أن دول القارة اللاتينية رفضت إعتماد القددس عاصمة لدولة الكيان الاسرائيلي عندما سنت وقررت ( اسرائيل ) قانوناً بتاريخ 30-7-1980 يعلن في أساسه أن القدس عاصمة دولة الاحتلال حيث رفضت دول القارة ذلك وبشكل علني هذا القرار ، بينما في عصرنا الحالي بعض تلك الدول لم يعلق لى قرار ترامب بنقل السفارة للقدس .
وللأهمية أيضا فقد رعت منظمة التجرير الفلسطينية إنشاء الكونفيدرالية الفلسطينية في دول امريكا اللاتينية والكاريبي ( كوبلاك ) ، وعقدت ثلاث مؤتمرات لها في العام 1984 في البرازيل ، وكانت العلاقة البرازيلية الفلسطينية في أوجها ،وكذلك المؤتمر الثاني في العام 1987 في جمهورية تشيلي ، أما المؤتمر الثالث فقد عقد في العام 1993 في جمهورية البيرو ، ولكن للأسف تراجع نشاط الفيدرالية تراجعاً ملحوظاُ عما كان علية سابقا في السبعينات والثمانينات لاسباب متعددة .
في محور أخر وهو كولومبيا ، حيث كان لإجتماع دول عدم الانحياز في كولومبيا في العام 1994 وبحضور الرئيس ياسر عرفات وكل من ابو اللطف ومن قيادات الجالية الفلسطية في كولومبيا ومنهم المرحموم محمد سالم والاخ فؤاد البرغوثي حيث التقي الوفد بالرئيس الكولمبي ارنستو سامبير وتم الاتفاق على فتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية وقد تم ذلك فعلا ، وتم افتتاح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية ، إلا أن الرئيس الكولومبي الحالي اليميني على علاقة متينة مع ( اسرائيل) ، حتى أنه للأسف أعلن بصريح العبارة أنه مع حق ( اسرائيل ) بقرار الضم لاجزاء من الضفة الغربية الا وهو الرئيس اليميني هوان دوكي .
ولا بد من التذكير هنا بأنه عندما أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات الاستقلال في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988 في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر ، أيضا كانت مواقف التأييد على هذا الاعلان بشكل فوري من طرف معظم دول القارة اللاتينية .
وهناك مواقف كثيرة ومتعددة عبر التاريخ لتك الدول وباقي دول القارة مع عدالة القضية الفلسطينية ، لا نستطيع أن نجملها في هذا التقرير .
لما سبق نرى بأن هناك ضعف وتراجع في العلاقة بين تلك الدول وغيرها مع القضية الفلسطينية اذا ما درسنا الواقع بشكل دقيق ، وهذا ليس في دول القارة اللاتينية فقط بل ايضا في دول اخرى ، إلا ان هناك أسباب تدعونا للقلق و نحن جزء منها .
إن ضعف الأداء الدبلوماسي الفلسطيني الحالي ، بإسثناء ما ينجزه السيد الرئيس ابو مازن وبشكل شخصي بصفته شريك الرئيس الراحل في البناء في تلك القارة منذ السبعينات ، إلا أن هناك تراجع بسبب عدم قيام الجهات المختصة في أداء دورها وسنذكر بعض أسباب هذا الضعف:-
عدم الإلتزام بالقاون الدبلوماسي في التعيينات للسفراء والدبلوماسيين من حيث المؤهلات العلمية والكفاءات ويقتصر ذلك في الاغلب على المصالح والعلاقات الشخصية .
عدم الالتزام بالقانون الدبلوماسي في مدة الخدمة في الدول ، وعدم الإحالة للتقاعد لمن ينهي العمر القانوي للتقاعد ، ولذلك نجد أن السفير الفلسطيني في أغلب الدول هو عميد السلك الدبلوماسي كونه ثابت ولا يتغير وليس اربعُ سنوات خدمة في الولة كما نص القانون
عدم وجود نشاط إعلامي حقيقي بكافة اللغات حول تطورات القضية الفلسطينية ونقل ما يتم من إعتداءات على البشر والحجر في فلسطين وشرح معاناة الشعب الفلسطيني داخل الوطن وفي مخيمات الشتات والذين هجروا من بلادهم لشعوب واحزاب الدول ، حتى نستطيع تكذيب رؤية الاحتلال في دول العالم .
إن قرار سلطة الاحتلال بالضم ربما لا ينفذ وسيتم تأجيله اكثر من مرة ، وهذا لا يعني أن الاستيطان توقف ، ولايعني أن تهويد القدس وهدم البيوت توقف ، ولا يعني أن القتل والإعتقالات توقفت ، ولا يعني أن عدم الضم هو منح جائزة للفلسطينين ، فالضفة الغربية مضمومة ، وتحت سيطرة جيش الاحتلال منذ العام 1967 ، والإستيطان لم يتوقف لحظه واحدة ، حتى في أثناء الليل البناء لفلل وبيوت وشقق وإسكانات على أراضي الفلسطينيين مستمر .
علينا كفلسطينيين توحيد الصف ، ومحاربة الفساد ، والتعاون فيما بيننا وشد الهمم و إلا سيغرق المركب بالجميع ، ولن يستثي أحدً منا وكما قال الشاعر احمد شوقي
تنويه ( كل الشكر والتقدير للقيادات السابقة في دول القارة اللاتينية والذين استكروا وعبروا عن رفضهم لممارسات الاحتلال قبل يومين، والشكر الخاص للصديق أ . هوسي بياتو نقيب الصحفيين هناك ،على وفائه وعطائه غير المنقطع لفلسطين )