مصطفى البرغوثي - النجاح الإخباري - في الوقت الذي يواجه فيه الشعب الفلسطيني، مع كل شعوب العالم وباء الكورونا الخطير، يواصل حكام إسرائيل، ومنظومة إحتلالهم، سياسة القمع والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني.
وأول أشكال التمييز ما يجري في مدينة القدس من تمييز عنصري، في توفير الإمكانيات، والفحوصات، والرعاية الصحية، بالإضافة إلى قمع المسؤولين الرسميين والعاملين الفلسطينيين في المجتمع المدني، لمنعهم من أداء دورهم في مقاومة وباء الكورونا.
وما يتعرض له العمال الفلسطينيون من إستغلال وتمييز، وتلاعب بحياتهم على يد مشغليهم، بإسكانهم في أماكن تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة، والوقاية الصحية، وبما يمس صحتهم وكرامتهم.
ويشمل ذلك امتناع إسرائيل ومؤسساتها عن القيام بمسؤوليتها في إجراء الفحوصات الوقائية لهؤلاء العمال.
وتضاف إلىذلك اعتداءات المستعمرين المستوطنين التي تجري تحت بصر وسمع، بتواطؤ ومشاركة جنود الاحتلال، بما في ذلك التصرفات الدنيئة، والحقيرة، بترهيب الناس بالعدوى من خلال البصاق عليهم وتلويث مركباتهم وبيوتهم.
ورغم حالة الطوارىء والضغوطات المادية والنفسية التي يعيشها الفلسطينيون والتزامهم بالحجر المنزلي، لا تتورع قوات الإحتلال عن مواصلة إقتحام البيوت، وهي ترتدي ملابس وقاية كاملة، وتنفيذ المزيد من الاعتقالات، بما في ذلك إعتقال شيوخ مسنين يعانون من أمراض مزمنة خطيرة، مثل عمر البرغوثي من بلدة كوبر.
ويجثم خطر كبير على حياة خمسة آلاف وخمسمائة أسير وأسيرة في سجون الإحتلال، بما في ذلك الأطفال والنساء والمرضى، وبعضهم يعانون من السرطان، والشلل، والإعاقة، وبدل الإفراج عنهم تقوم سلطات الاحتلال بزيادة أعدادهم ومفاقمة الاكتظاظ في السجون.
ولا يخفى على أحد، أن إنعدام إجراءات الوقاية في تنقل العمال، الذين اضطروا للذهاب للداخل من أجل توفير لقمة العيش لأبنائهم، كانت السبب الرئيسي في إصابة هؤلاء العمال بالمرض، وأصبحت مصدر العدوى الرئيس في مدن وقرى الضفة الغربية.
تعرف إسرائيل، وحكامها، أن الفلسطينيين لا يملكون بنية تحتية صحية قوية، مثل ما تملكه، هي وتعرف أن سلاحنا الرئيسي كان وما زال الوقاية ومنع انتشار العدوى، ومع ذلك فإنها لا تتوقف عن مضايقة، وإحتجاز، واعتقال المتطوعين البواسل الذين يحاولون نشر الوعي، وسبل الوقاية من الوباء الخطير.
لكن كل ما جرى مع وباء الكورونا أكد القناعة الجوهرية الفلسطينية، وهو أن صحننا، وحياة أبنائنا وبناتنا، وسلامة عيشنا، تعتمد على نجاح نضالنا من أجل التحرر من الإحتلال ونظام التمييز والفصل العنصري الإسرائيلي. ورغم النجاحات التي حققها شعبنا بوعيه وانضباطه، وتكاتفه، فإن ما يهددنا، ويهدد جهودنا، إنعدام السيطرة الفلسطينية على الحدودالداخلية، والخارجية، والمعابر والطرق، وعلى المستعمرات المنتشرة كالسرطان في أراضينا.
وأن ما يعيقنا ويضعف قدراتنا هو عدم السيطرة على مفاصل الاقتصاد، والتجارة الخارجية، والأرض والمصادر الطبيعية.
سنكافح الكورونا بكل ما نستطيع، وسنتغلب عليها بجهود وعطاء شعبنا الباسل، ولكن ما يجري اليوم يؤكد حتمية مواصلة كفاحنا لإنهاء وباء الاحتلال والعنصرية.