علي أبو هلال - النجاح الإخباري - جددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي تفويض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين "الاونروا" لمدة 3 سنوات، وصوتت 169 دولة مع القرار في حين امتنعت سبع دول عن التصويت هي: ناورو، ورواندا، وفانواتو، وأستراليا، والكاميرون، وأفريقيا الوسطى، وغواتيمالا، وعارضته أمريكا وإسرائيل.
ويأتي هذا القرار الهام لاحقا لتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 15/11/2019 لصالح تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بدعم 170 دولة، مقابل معارضة الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتناع 7 دول، ضمن مشروع (قرار مساعدة الشعب الفلسطيني الذي تقدمت به اللجنة الرابعة للسياسات وإنهاء الاستعمار).
وأوضح بيان الأمم المتحدة عقب جلسة التصويت أن الجمعية العامة قررت تمديد ولاية الأونروا حتى 30/6/2023، دون تعارض مع الفقرة 11 من القرار ألأممي رقم 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، لكن الجمعية العامة أعربت عن قلقها من الآثار السلبية للأزمة المالية الحادة للأونروا على مواصلة تقديم خدماتها.
ومن الجدير بالذكر أن قرار تجديد تفويض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين "الاونروا" لمدة 3 سنوات، هو استحقاق دولي أتخذ ضمن عدة قرارات اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح فلسطين، بأغلبية ساحقة (بناء على توصية اللجنة الرابعة التابعة لها والمعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار).
تضمن قرار تجديد التفويض دعوة جميع الجهات المانحة إلى أن "تواصل تكثيف جهودها لتلبية الاحتياجات المتوقعة للأونروا، بما في ذلك ما يتعلق بزيادة النفقات الناجمة عن النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية الخطيرة". وأعرب القرار عن "شديد القلق إزاء الحالة البالغة الصعوبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون تحت الاحتلال، بما في ذلك ما يتصل بسلامتهم ورفاههم وأحوالهم المعيشية الاجتماعية والاقتصادية وبوجه خاص اللاجئين في قطاع غزة".
وأكد القرار إن الوكالة تقدم "مساعدة حيوية إلى اللاجئين الفلسطينيين"، مشيرا إلى أنها "عامل استقرار في المنطقة". وجاء في حيثيات القرار أن الأمم المتحدة تأسف لعدم إعادة اللاجئين إلى ديارهم أو تعويضهم على النحو المنصوص عليه في الفقرة "11" من قرار الجمعية العامة 194. وأكد القرار على حالة اللجوء الفلسطيني المستمرة مشددًا على ضرورة تقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين وتلبية الاحتياجات الأساسية الصحية والتعليمية والمعيشية.
ويأتي هذا القرار الدولي الهام صفعة قوية للمخططات الأمريكية والإسرائيلية التي بدأت منذ عدة أشهر لتصفية الوكالة ووقف عملها، ونذكر في هذا الصدد أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قطعت الدعم المالي كليا عن وكالة الأونروا منذ مطلع العام الجاري، ودعت مرارا إلى إلغاء الوكالة، معللة ذلك إن بعض أنشطتها مناهضة لإسرائيل.
ومن الجدير بالذكر أن الأونروا قد تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم. وهي تقدم خدمات في مجالات التعليم والصحة والإيواء والإغاثة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ مسجلين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية إضافة إلى اللاجئين في دول مجاورة مثل الأردن ولبنان وسوريا.
وتواجه الأونروا مشكلات في التمويل منذ العام الماضي إثر إعلان الولايات المتحدة، أكبر مانح للوكالة، وقف المساعدات التي تدفعها والبالغة 360 مليون دولار سنويا.
وتأتي المحاولات الإسرائيلية والأمريكية الراهنة لإنهاء دور الأونروا، عبر العمل على تجفيف مواردها، أو دمج تفويضها ضمن صلاحيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR في سياق المخططات الأشمل، الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، وفي القلب منها قضية اللاجئين وحقّ العودة. وهذه المخططات لها أبعاد إقليمية ودولية في نسختها الجديدة التي تحمل اسم “صفقة العصر”. ولها، في الوقت عينه، تداعيات وآثار كارثية في كل منطقة من مناطق عمليات الأونروا، فيما يتعلق بتقديم الخدمات.
ومن اخطر المخططات الأمريكية "للاونروا" هو تعريف من هو اللاجئ الفلسطيني من قبل إدارة ترامب في إطار تفكيك قضية اللاجئين، إلى جانب تيار بالكونغرس الأمريكي تبنى قرار أمريكي يعيد تعريف من هو اللاجئ الفلسطيني حسب معاير عنصرية وتوجهات تقفز عن كل القرارات الصادرة بشأن العودة والتعويض الواردة في قرار 194 .
واغلب هذه المعايير تنكر حدوث النكبة وتنكر ما تعرض له الفلسطينيين من تهجير قسري خطير ومذابح طالت الآلاف من الفلسطينيين، وأدخلت هذه المعايير جموع اللاجئين الفلسطينيين في أتون كارثة إنهاء قضيتهم التاريخية وسحب صفة لاجئ منهم، وهو أول إجراء أمريكي لسحب حق أبناء اللاجئين الفلسطينيين في هذه الصفة باعتبار اللاجئ هو من رحل من فلسطين التاريخية فقط أما أبنائهم وسلالالتهم فلا حق لهم بهذه الصفة وبالتالي فان عدد اللاجئين الفلسطينيين الذي تعترف بهم الإدارة الأمريكية الآن هم ما يقارب 40 ألف أو ما جاوز ذلك بقليل .
ومن هنا تنبع أهمية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تجديد تفويض "الاونروا" لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين بالأرض المحتلة والشرق الأوسط، والذي شكل صفعة قوية من قبل المجتمع الدولي لإدارة ترامب، التي شنت حربا ضارية خلال الأشهر الماضية ضد الوكالة التي تعتبر الشاهد الحي علي حجم الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل بحق اللاجئين الفلسطينيين وهجرت من خلالها الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم وقراهم ومزارعهم.
كما أفشل هذا القرار الجهود المستميتة التي بذلتها إدارة ترامب لوقف تمويل الوكالة ومنع الدول من وقف مساهماتها المالية التي كانت تدفعها للاونروا سنويا، لتقف عاجزة عن تلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة وغزة و دول اللجوء لبنان وسوريا والأردن.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.