حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - لأنه يدرك الواقع والتحولات، في فلسطين من داخلها، غير تلك الثورة التي ولدت من أعباء ورحم معاناة اللاجئين من خارج فلسطين، وساهم فيها شريكا من موقع متقدم مع قيادتها، لأنه يدرك ذلك ويفهم من خلال تجربة الواقع المرير الذي عاشه مع الراحل ابو عمار ومن بعده، مثلما عاش فشل رهانات طرفي الانقسام: سلطتي رام الله وغزة، خاطب الراحل أحمد عبد الرحمن، صديقه من ذوات غزة وأحد رجالاتها فريح أبو مدين، خاطبه بكلمات تحمل الكثير من الأسى، ولكنها تحمل الكثير من الثقة نحو المستقبل بقوله: " يا فريح يحتاج الوضع الفلسطيني أن يبدأ الجيل الجديد مسيرة أخرى غير هذه القائمة حالياً".
بقوله هذا يكون أحمد عبد الرحمن قد غسل يديه مما هو قائم، ومن الطريق المسدود الذي وصلت إليه الحركة السياسية الفلسطينية بجناحيها، فكلاهما أسير احتياجاته من رضى الاحتلال والتفاهم معه، عبر وسيلتي التنسيق الامني في رام الله والتهدئة الامنية في غزة، وجهان لعملة احتلالية واحدة، لا أحد يزايد على أحد، كل منهما تحت الفلقة، وفق مصالح الاحتلال وخياراته الأمنية، ممسكاً متشبثاً بالسلطة، حيث لها الأولوية على ما عداها من خيارات، وكل منهما له وجاهة خياره والدفاع عنها، مهما صغر قدرها وضاقت مساحة حريتها.
الإنجاز النهائي التاريخي للأفذاذ الراحلين: ياسر عرفات وجورج حبش وأحمد ياسين وفتحي الشقاقي وطلعت يعقوب وأبو العباس وأبو علي مصطفى، هو نقل العنوان والحضور والفعل من خارج الوطن الفلسطيني ونضالاتهم إلى داخل فلسطين، وبات العنوان والفعل داخل أرض وطنهم وبأدواته المتاحة وتضحيات شعبهم، في مواجهة يومية مع العدو الذي لا عدو لهم غيره الذي يحتل الأرض، ويصادر الحقوق، وينتهك الكرامة.
ما تعيشه قيادات الشعب الفلسطيني حسب التعبير الذي سبق وسمعته من رئيسها قبل سنوات « تمضية الوقت، حتى تتغير المعطيات» رغم الإدراك المسبق أن المعطيات لا تتغير بفعل الطقس، إنما تتغير بفعل فعل الإنسان، فالمعطيات التي حكمت مرارة الواقع الفلسطيني في مخيمات البؤس والشقاء بعد الطرد من الوطن ونكبة عام 1948، جرى تغييرها بفعل قادة العمل الفلسطيني ومبادراتهم، وولادة منظمة التحرير، والعمل والشقاء المهني الفلسطيني في بلدان الخليج العربي، ونتائج مدارس وكالة الغوث، تلك هي العوامل التي غيرت الواقع من واقع اللجوء، إلى واقع الرغبة في استعادة الكرامة والهوية والمكان، بعد عام 1967، وبشكل خاص بعد معركة الكرامة في أذار 1968.
يُعلق الضمير الفلسطيني فريح أبو مدين قوله « من أراد أن يعرف كم تشوهت شخصية الشعب الفلسطيني من حكامه وفصائله، عليه متابعة معركة مستشفى الحدود الأميركي، كم كُتب من آراء وتحليلات ومبالغات واستنكارات وانكارات، من وافق ومن لم يوافق، من يعرف ومن لا يعرف، إيش الحكاية، ومن يعرف كيف بهرها وزوقها وسوقها، وكل هذا لعب بمشاعر الناس، ودليل على ضياع الطاسة وحلول التياسة من أهل السياسة، باختصار ضياع الأولويات».
أربع معارك غير متكافئة بين قطاع غزة والعدو الإسرائيلي: 2008، 2012، 2014، 2019، ومئات الشهداء بل الالاف، مع بقاء الحصار والجوع وقلة الحيلة وسيطرة اللون الواحد وهيمنته.
مسيرات العودة بدءاً من 30 أذار 2018 حتى 30/11/2019، حصيلتها وفق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان 315 شهيداً منهم 47 قاصراً وامرأتان و9 من ذوي الإعاقة و4 مسعفين وصحفيان، أما إصابات الجرحى فقد بلغت 14713 جريحاً منهم 3696 قاصراً و387 امرأة، و253 مسعفاً و218 صحفياً، أهناك إجرام من قبل المستعمرة الإسرائيلية أكثر من هذا؟؟ وهل هناك من انجاز سوى التهدئة الأمنية؟؟ و هل من اخفاق اكثر من هذه النتيجة من قبل قيادة ضيقة الأفق متسلطة أحادية أكثر من هذا؟؟.