حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - حتى ولو كانت قرارات الأمم المتحدة معلقة لا تجد من ينفذها، لكنها مؤشر على موقف المجتمع الدولي من القضايا العربية، وفي طليعتها فلسطين والجولان السوري المحتل، فقد أفردت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بمطالبة المستعمرة الإسرائيلية بمغادرة الجولان السوري المحتل امتثالاً لقرار الانسحاب وعدم الضم 242، وحق السوريين في استعادة أراضيهم، وفق حدود حزيران 1967.
قرار الأمم المتحدة بشأن الجولان يدلل على أن قرار البرلمان الإسرائيلي يوم 18 / 12 / 1981، بضم الجولان لخارطة المستعمرة الإسرائيلية، غير قانوني، غير شرعي، وباطل لا يتفق مع قرارات الشرعية الدولية.
في التصويت حصل القرار على موافقة 91 دولة وعارضته 9 دول، ومنها الولايات المتحدة، التي سبق لرئيسها ترامب أن أعلن يوم 25 / 3 / 2019 اعترافه بضم الجولان السوري لخارطة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وبذلك تتم هزيمة الولايات المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، من قبل فلسطين بشكل خاص، وها هي تدفع ثمن انحيازها للمستعمرة الإسرائيلية أمام سوريا، وقد سجلت رقماً دائماً لا يتجاوز تسع دول تقف معها في عمليات التصويت بشأن فلسطين والجولان وجنوب لبنان داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ ما يدلل على عجزها في استقطاب دول لصالح سياساتها الداعمة للمستعمرة الإسرائيلية.
تصويت الأمم المتحدة لم يقتصر على الجولان السوري، فقد شمل أيضاً أربعة قرارات بشأن فلسطين، أبرزها قرار « التسوية السلمية لقضية فلسطين» الذي نال بالموافقة على 147 دولة، ورفضته 7 دول، وامتنعت 13 دولة؛ ما يؤكد على عدالة القضية الفلسطينية وشرعية مطالبها، ورفض أغلبية بلدان العالم لسياسة الضم والالحاق والتوسع الاستعماري الإسرائيلية، والرفض الدولي لم يقتصر رسمياً على أغلبية دول العالم، بل اتسع حجم ونوعية القيادات والمفكرين والأكاديميين من بلدان العالم الرافضين للسياسات الإسرائيلية وتم ذلك عبر B.D.S الداعمة لحركة مقاطعة السلع والبضائع الإسرائيلية.
أكاديميون فرنسيون وغالبيتهم من اليهود وقعوا على مذكرة تطالب البرلمان الفرنسي بعدم التصويت على قرار مساواة العداء للصهيونية، بالعداء للسامية، فالعداء للسامية ظاهرة عنصرية تستهدف العداء لليهود وهذا غير منطقي وغير إنساني وغير مقبول، ولكن العداء للصهيونية ورفضها والنضال ضدها جائز ومطلوب لأن الصهيونية حركة سياسية عنصرية استعمارية ومشروعها ومستعمرتها في فلسطين وسلوكها التوسعي، وعدم إذعانها لقرارات الأمم المتحدة دلالة ملموسة على سلوكها العدواني نحو الشعب الفلسطيني ونحو العرب والمسلمين والمسيحيين.
مذكرة الأكاديميين الفرنسيين وغالبيتهم من اليهود تقدم إضافة دالة على أن الصهيونية استغلت اضطهاد اليهود من قبل النازية والفاشية، لجعلهم أداتها الحيوية لتسويق برنامجها السياسي ومشروعها الاستعماري، وأن قطاعاً من اليهود تتسع دائرته وفهمه لمضمون الصهيونية العنصري الاستعماري، وأنها تفعل كما فعلت البلدان الاستعمارية الأوروبية في حملاتها القديمة تحت رايات الصليب الكذابة لتطهير أرض المسلمين دعماً للمسيحيين، مع أن المسيحيين مع باقي المكونات العربية كانوا شركاء في مواجهة حملات الفرنجة الاستعمارية، والصهيونية أيضاً مثل داعش والقاعدة اللتين استعملتا الإسلام ووظفتا المسلمين لفرض الخلافة ورؤيتهما الأحادية المغلقة على الأغلبية الساحقة من العراقيين والسوريين والليبيين والجزائريين واليمنيين وفشلتا في مسعاهما، ولذلك كما فشلت حملات الفرنجة الأوروبية الاستعمارية وهُزمت، وكما فشلت داعش والقاعدة وأخفقتا، لن تكون الصهيونية أسعد حالاً مهما قوي مشروعها وتسلح ونال الدعم ولكنه إلى زوال؛ لأنه يفتقد للشرعية ويرفض المساواة والتوصل إلى حلول ومواقف واتفاقات تضمن للشعب الفلسطيني حقوقه كما أقرتها الشرعية الدولية وخاصة حقه في الدولة وفق القرار 181، وحقه في العودة وفق القرار 194 .