ماجد هديب - النجاح الإخباري - من منا لا يدرك ان إنهاء الانقسام لا يحتاج إلى مبادرات جديدة، وانما الى نوايا صادقة، واستقلالية في القرار، واخلاص في الانتماء. ومن منا لا يدرك بان صمت الفصائل طيلة السنوات التي مضت من الانقسام على ما يتعرض له شعبنا من ظلم هو نتيجة عدم استقلالية الكثير منها ،وانعدام الاخلاص في انتماء البعض من قادة الصف الاول فيها ،وسوء النوايا للكثير من امنائها العامين ،وان هذا الصمت هو من دفع الشعب نحو الانزواء والانكفاء على نفسه ،والخوف من القيام بفعاليات شعبية لإنهاء الانقسام ،على الرغم من الفشل المتكرر لجولات المصالحة ،وعلى الرغم أيضا من افشال أكثر من عشر اتفاقات لإنهاء الانقسام في ظل رعاية دول كثيرة كمصر والسعودية وقطر واليمن .
ومن منا لا يدرك ايضا بان الانقسام لم يكن نتيجة تصادم في البرامج من اجل الوطن ،ونتيجة للتنافس حول اثبات فكر الكفاح المسلح وممارسته في ساحة الصراع مع العدو الاسرائيلي ،وانما هو نتيجة لممارسة حركة حماس سياسة الاستئصال على قاعدة اما نحن او لا احد ،فهل من احد ينكر ان انطلاقة حركة حماس جاءت على قاعدة العداء مع منظمة التحرير وليس الخلاف معها، وهو امتداد لعداء حركة الاخوان المسلمين لكل من لم يرتدي عباءتها ،ففي الوقت الذي كانت فيه منظمة التحرير تعلي راية المقاومة وكانت في صدارة دول الممانعة، والرائدة أيضا في محور دول الصمود والتصدي كان عداء حركة حماس لمنظمة التحرير على اشده بذريعة ان منظمة التحرير بعمودها الفقري حركة فتح تلقي بجماهير الشعب الى التهلكة نتيجة ما تمارسه من عمليات في قلب العدو الصهيوني ، فكيف لحركة حماس اذا ان تخضع لسلطة مرجعتيها واساس قيامها هي منظمة التحرير ،وهي صاحبة العداء التاريخي معها ؟،ولذلك كان لا بد من مخاطبة تلك الفصائل الثمانية التي اطلقت مبادرتها لإنهاء الانقسام ،والتي جاءت نصوصها على قاعدة حيادها ما بين السلطة وحركة حماس للقول لها بان الحياد ما بين السلطة وحركة حماس هو بمثابة الحياد ما بين الحق والباطل لما في هذا الحياد من شيطنة ورذيلة .
على تلك الفصائل ان ارادت ان تقضي على ما في نصوص مبادرتها من شيطنة ورذيلة ضرورة الاستناد على التوصيفات القانونية الصحيحة والنصوص الدستورية الممنوحة، لان هناك فرق ما بين الشرعية الدستورية وما بين شرعية البندقية، ولا شرعية لبندقية دون الالتزام بما نص عليه الدستور الذي تم صياغته لإرساء معالم دولة، فهل تؤمن حركة حماس بالدولة الوطنية وبالقوانين الوضعية، ام ان لا ايمان منها بوجود هذه الدولة اعتناقا لفكر الاخوان المسلمين وبما جاء به حسن البنا من تعاليم؟
اعتقد ان الانتخابات التي فازت حركة حماس من خلالها والتي استندت على نتيجتها للقيام بانقلابها على الشعب بذريعة الصدام مع حركة فتح هي نفس المدخل الذي يمكن من خلاله اعادة الامور الى نصابها، لأنه لا مصالحة دون مصارحة، ولا مصارحة دون الاستناد فيها على الجماهير للفصل بين ما تراه حق وبين ما تؤمن ببطلانه وذلك من خلال ممارسة هذه الجماهير لحقها الدستوري في الديمقراطية واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وذلك بعد اثنا عشر عاما امن لدكتاتورية والانقسام بكافة مستوياته ،ولذلك فان على هذه الفصائل ان تعلم ان في صندوق الاقتراع تجديد ليس للقيادة فقط، بل للخطط والبرامج أيضا لمواجهة الأزمات ، وهي اكبر رد أيضا على عنجهية الاحتلال وتثبيت لجغرافية الدولة الفلسطينية ،وهو وصفة للخروج من الانقسام بطريقة حضارية و مقبولة فلسطينيا وعربيا ودوليا ، فإما ان يجدد الشعب ومن خلال نفس الصندوق انتخاب حركة حماس وبالتالي فان في انتخابه لها تأييد لما قامت به من انقلاب وتوافق مع خياراتها ومساندة أيضا لكل ما مارسته طوال فترة انقلابها من قرارات وسياسات ،واما ان يأتي الشعب بغيرها لتشكيل حكومة وفقا للدستور استنادا لبرامج واستراتيجيات جديدة يعمل غليها من انتخبهم الشعب للانتقال به من حالة الاندثار والتشرد وتزايد الهجرة الى حياة التحرر والبناء على ان تكون الانتخابات هذه على قاعدة عفا الله عما سلف ، رغم ما دفعه الشعب الفلسطيني من الام ومعاناة ،ورغم ما تعرضت له القضية من ويلات وانكسار .
ومن هنا فان فإنني لا ادعوا كافة الفصائل الى ان تضغط لتنفيذ تلك الانتخابات لأني أدرك تماما بان الانتخابات لن تكون لصالح أحد منها ليس بفعل انعدام الالتفاف الشعبي حول هذه الفصائل فقط ،وانما بفعل ما مارسته هذه القوى والفصائل في ظل الانقسام من نفاق سياسي على قاعدة الربح والخسارة لصالح احزابها وانما ادعو هنا الى إطلاق مبادرة جماهيرية للمطالبة بإجراء الانتخابات فهي العلاج الأمثل والاوحد للخروج من حالة الانقسام بطريقة حضارية وهي وحدها فقط من تثبت ومن خلال الصندوق ان لا حياد بين الباطل والحق ،ولا من شيطنة في هذا الحياد او رذيلة .