صلاح هنية - النجاح الإخباري - انشغل الحضور في مؤتمر أمان حول الحوكمة في قطاع الاتصالات بقضايا آنية وهي مهمة وضرورية للمواطن جوهرها "الأسعار، المنافسة، أرباح الشركات، جودة الخدمة، الحملات، الرسائل الاقتحامية والزج بالحملات "، رغم ان خبراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أرادوا أخذنا صوب المستقبل وتوسيع قاعدة النقاش حول القطاع، من حيث أين هي شبكات الإنترنت للجامعات، وأين هي للشركات؟ هل يعقل اننا نعتمد على الأفراد؟ وذهبوا بنا صوب الأثر الاقتصادي والاجتماعي لقطاع الاتصالات، آثار فتح السوق لمزودي الإنترنت، أهمية القطاع على مستقبلنا، وأصررنا على أن كل هذا مهم ولكن الأهم حقوق المستهلك في قطاع الاتصالات.
وما هي الا ساعة واحدة ويعرض علينا في المؤتمر تقرير متلفز عن خطوط الفايبر التي بنتها شركة كهرباء محافظة القدس بطول 500 كيلو متر تضم محافظات رام الله والبيرة وبيت لحم واريحا والقدس، وهي شبكة قائمة لا يوجد ترخيص لاستخدامها في قطاع الاتصالات أو تزويد الإنترنت، ودخل صندوق الاستثمار الفلسطيني بشراكة مع شركة كهرباء محافظة القدس بشركة تحت اسم "ومضة" ولم تحصل على التراخيص اللازمة، وقيل ما قيل في التقرير عن تدخلات لمنع الحصول على الرخصة، والفرص الاقتصادية والتكنولوجية الضائعة على شبكة غير مستخدمة كلفت ملايين، وإصرار على تدفيع الشركة رسوم رخصة ورسوم شبكة لتدخل هذا القطاع.
لم يثر التقرير المتلفز النقاش الذي يستحقه أو تصويبه أو تأكيده ولم يهتم أحد بموضوع تجميد أموال تحت الارض لشركة فلسطينية، وفي ذات الوقت ضياع فرصة الاستفادة منها باستثناء حاجات بسيطة لصالح شركة كهرباء القدس التي تصدر قراءة العداد الإلكتروني والتحكم عن بعد.
واحتدم النقاش في الجلسة الثانية بعد عرض التقرير المتلفز ولكنه عاد الى المربع الأول "انتم تربحون أرباحاً مهولة" "لا تسمحون للناس أن يصلوا مجلس الإدارة ويبقوا مساهمين عاديين" و "وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا تقوم بدورها، لذا ذهبنا صوب المطالبة بهيئة تنظيم قطاع الاتصالات لأنها باتت ضرورة" و"مزودو خدمات الانترنت يتفقون فيما بينهم لتحديد حركة الزبائن بين الشركات" و"رخص المدى العريض المجمدة والمحفوظة بانتظار صفقة بيع بثمن مجز" و"التجوال على الشبكات الإسرائيلية الخلوية في المناطق المصنفة "ج" وصرخة مجموعة الاتصالات الفلسطينية بصوت عال: هناك التدخلات الإسرائيلية ببناء شبكات جديدة في المستوطنات والأراضي الفلسطينية لتقوية بث الخلوي الإسرائيلي، وبدلا من أن يكون تحديا يجب مواجهته بات سيفا مصلتاً على رقاب شركات الاتصالات نكاية بالأسعار والحملات.
لم يوجه أي أحد سؤالاً لرئيس مجلس إدارة شركة كهرباء محافظة القدس عن شركة "ومضة " وسر هذا التوقف وحالة استقالة رئيس مجلس الإدارة السابق، رغم أن التقرير أشار لقضايا تتعلق بالشفافية والمساءلة وتدخلات اشار لها وزير سابق للاتصالات ومصادر ذات مناصب عليا (كثير كثير كثير)، لم يناقش محتوى التقرير الذي قدم في الجلسة الثانية حول الحوكمة في الشركات باستثناء ردود الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية والمستندة للقوانين الناظمة.
صديقي الإعلامي قال ليلة قبل المؤتمر: سيكون الحوار ساخناً، أجبته: واضح من الأجندة والمواضيع أننا لن نصل للحوار الذي يفضي الى نتائج، لأنني كنت وبقيت وسأظل واثقا أننا سنعود لقانون 1996 الذي ينظم عمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وسنعرج على قانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات 2009، وسنلمح لماذا فشلت الهيئة ومن تخاصم مع من بإشارات رمزية لا تقود لوقائع، ومن ثم سنقول إن فتح المنافسة لمزودي الانترنت ترك آثارا ايجابية، وسنبرر أن الارباح الكبيرة مشروعة وطبيعية.
 بالتالي ما هو الجديد الذي سنأتي به عدا عن أن نسجل أننا انجزنا مؤتمراً شارك فيه كافة الأطراف، وقاطعه في نهايته من قاطعه احتجاجا على تلميحات بحقهم، وأبدت الشركات تذمراتها على قاعدة انهم في ذات "الفلقة" مع الناس في ضوء عدم إنفاذ القوانين وعدم حظر المنافسة غير المشروعة وغير العادلة للشركات الإسرائيلية، وحق الوصول لسوق غزة، وتذمرها: نحن نزيد الكمية للمستخدم والمشترك والسعر يقل، مقابل خدمات الكهرباء والمياه كلما زاد الاستهلاك زادت الفاتورة.
المحتجون على قضايا في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سجلوا تطورا في مفردات خطابهم بعيداً عن الطوشة بهدف الطوشة، ولكن بقي بعض الأثر الذي ترك آثاره السلبية من باب التعجل غير المحسوب: اذاً من فمك أُدينك يا "اتصالات" بتقول الحد الأعلى للمستهلك الفلسطيني في استخدام الخلوي 22 شيكلا، طيب 22 مضروبة بعدد سكان فلسطين بتطلع ملايين. الجواب ببساطة: ألا يوجد تكلفة ومصاريف وضرائب !!!.اذاً أين يقود التسرع ؟" أنت ضربت مثلاً أن كثافة الطيران في مطار تقود الى أسعار منافسة وقليلة للمسافرين، ولا يقارن بمطار يسجل عدداً قليلاً من الرحلات، والتعجل يقود انت الله منعم ومتفضل عليك، بتسافر من أي مطار واحنا الفقراء". جواب الشركات كان مباشراً: هذا المثال يقود للفرق بين الشركات الفلسطينية والشركات الإسرائيلية التي ليس بالإمكان مقارنتها أمام عدد الرحلات والركاب والتجوال والإنفاق في الشركات الإسرائيلية.
أعجبت بالمحتجين الذين وجهوا نقداً لاذعاً لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فثارت ثائرتهم، ما دفع أحد المحتجين لأخذ المايك ليعتذر عن تفوّه اعتبر مستفزاً وسحبه واعتذر عنه، ولكن ممثلي الوزارة أصروا على موقفهم الغاضب.
من حق "أمان" علينا أن نشكره ونحترم نقاشه لقضايا محورية ومهمة، ولعل "الاتصالات" كانت الأقوى والأكثر شعبية.
Aya2abd@yahoo.com
www.pcp.ps

الايام