حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - بيان العربية السعودية ومبادرتها بالدعوة لعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، وما تضمنه البيان من عبارات الإدانة والشجب والرفض القاطع لتصريح رئيس حكومة المستعمرة الإسرائيلية نتنياهو يوم 10 / 9 / 2019، للعمل على ضم الغور والمستعمرات لخارطة التوسع الاستعماري الإسرائيلي، واعتباره توجهاً وإجراءً باطلاً جملة وتفصيلاً، ومطالبة العربية السعودية كافة الدول والمنظمات والهيئات الدولية إدانة ورفض الإعلان الإسرائيلي وسياسة الضم والتوسع، والتعامل مع السياسة الإسرائيلية أو ما يسفر عنها إجراء باطلاً لا يترتب عليه أي آثار قانونية تمس حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة.
بيان العربية السعودية هام بل وأكثر أهمية؛ لأنه يعيد الاهتمام لما يجري على أرض فلسطين رغم ما قاله بيان الرياض «انشغال العالمين العربي والإسلامي بالعديد من الأزمات المحلية والإقليمية» وأعطاها الأولوية؛ لأن هذه الأزمات المتفاقمة والمتعاقبة لن تؤثر من وجهة النظر السعودية على مكانة قضية فلسطين لدى الدول العربية والإسلامية شعوباً وحكومات».
مبادرة العربية السعودية لم تكتف بالمطالبة بالدعوة لعقد الاجتماع الوزاري لبحث القرار الإسرائيلي، بل من أجل « وضع خطة تحرك عاجلة وما تقتضيه من مراجعة المواقف تجاه المستعمرة الإسرائيلية بهدف مواجهة هذا الإعلان والتصدي له واتخاذ ما يلزم من إجراءات».
السؤال ماذا يعني ذلك ؟؟ ولماذا الإلحاح على هذا التوجه ؟؟ وما هي الدوافع المعلنة وغير المعلنة لهذا الحزم الإيجابي الواضح نحو فلسطين مقابل المطالبة بمراجعة الموقف نحو المستعمرة الإسرائيلية ؟.
لقد وقع الإحباط العربي برمته نحو السياسة الأميركية التي يقودها الرئيس ترامب وفريقه الصهيوني المتطرف، والذي شكل ولا يزال غطاء وقوة دفع لسياسات التحالف الثلاثي الذي يقود المستعمرة الإسرائيلية : 1 – اليمين، 2 – اليمين المتطرف، 3 – الاتجاه المتدين اليهودي المتشدد، وقد ظهر ذلك جلياً عبر سياسة أميركية غير مسبوقة بهذا التطرف تمثلت : بالخطوة الأولى يوم 6 / 12 / 2017 ، وهي الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، وبالخطوة الثانية يوم 25 / 3 / 2019 الاعتراف بضم الجولان السوري لخارطة المستعمرة، والخطوة الثالثة المتوقعة وهي الاعتراف وقبول ضم مستعمرات الضفة الفلسطينية والغور لخارطة المستعمرة، وهو ما سبق وأن صرح به وضرورته لأمن المستعمرة سفير الولايات المتحدة في تل أبيب فريدمان والمبعوث المستقيل غرينبلات والمستشار المُقال بولتون، إضافة إلى سلسلة من الإجراءات ضد الشعب الفلسطيني أسوأها قرار وقف المساعدات الأميركية لوكالة الأونروا يوم 31 / 8 / 2018 ، ومحاولة شطبها وشطب قضية اللاجئين، هذه السياسة بمجملها تتعارض مع مبادرة السلام العربية التي كانت بمثابة مبادرة سعودية تم إقرارها في قمة بيروت في آذار 2002، وأصبحت عنواناً رسمياً للموقف العربي الذي تنتهكه تل أبيب بدعم وإسناد وغطاء أميركي فاقع.
بيان ومبادرة العربية السعودية التي تربطها علاقات قوية مع واشنطن، تشكل لطمة سياسية لإدارة الرئيس ترامب المتقلبة غير المتزنة، ولذلك أن تأتيها الصفعة السياسية من الرياض فهذا يعكس مرارة الرياض نحو السياسة الأميركية، وهذا سبب الإقدام على مثل هذه الخطوة، وهذا يدلل على تقديم دليل إضافي على فشل السياسات الأميركية ومحاولاتها التي تجسدت في قمة الرياض الإسلامية يوم 22 / 5 / 2017، واجتماع وارسو في بولندا يوم 13 / 2 / 2019، ومؤتمر المنامة الاقتصادي في البحرين يوم 25 /6 / 2019، هذه المؤتمرات التي دعت إليها إدارة ترامب، لم تحقق أي نوع من التوازن في احترام المصالح العربية؛ ما جعل ودفع العربية السعودية لاتخاذ هذا القرار النوعي الشجاع.
في قمة الظهران يوم 15/ 4 / 2018 ، والتي أطلق عليها خادم الحرمين قمة القدس، اتخذ قراراً بالتبرع لأوقاف القدس بمبلغ 150 مليون دولار، حان الوقت لرفد صندوق أوقاف القدس بهذا المبلغ السعودي؛ لأنه يشكل عملياً رافداً مهماً للحفاظ على أوقاف القدس ومقدساتها وحرمها ومسجدها وحمايتهم في مواجهة الهجمة الإسرائيلية العنصرية المتطرفة، وعلى مجلس أوقاف القدس أن يبادر لزيارة العربية السعودية، على هامش الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي وفي ضيافته ليكون شريكاً شعبياً وأهلياً باسم القدس ومسجدها الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج سيدنا محمد وقيامة السيد المسيح، وبذلك تتكامل الأدوار وتستجيب لنداء وبيان ومبادرة العربية السعودية في دعوتها لكافة الدول والمنظمات والهيئات الدولية للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية الثابتة.