حسن البطل - النجاح الإخباري - لو أن اعترافات الدول بالدول جرى حسابها وتشبيهها بالكأس نصف الملأى، نصف الفارغة، لكان عدد الدول المعترفة بفلسطين يفوق كثيراً تلك التي تقيم فيها إسرائيل علاقات رسمية دبلوماسية.
منذ تصويت الجمعية العامة على منح دولة فلسطين مكانة دولة عضو مراقب بغالبية أصوات 137 دولة، ستضاف إلى الدول المعترفة بالدولة إلى 140 نهاية الشهر الجاري، حسب وزير الخارجية رياض المالكي.
هل سيكون الاعتراف الجديد إضافة عددية على الأرجح، أم مفاجأة اختراق باعتراف دولة نوعية أوروبية، تضاف إلى اعتراف دولة السويد؟ هذا سؤال معلّق بآخر مطروح، وهو: كم دولة من الدول الـ 140 تقيم علاقة دبلوماسية رسمية مع دولة فلسطين؟
حسب المقارنة الكمية، فإن إسرائيل تقيم علاقة اعتراف دبلوماسية مع 156 دولة، كما في إحصائية لموسوعة «ويكيبيديا»، لكن نشرة «المشهد الإسرائيلي» في عددها الأخير 434 تنقل عن قسم «السايبر الإسرائيلي» أن إسرائيل تتعاون مع 85، أي أكثر من تلك الدول التي لها سفارات وممثليات دبلوماسية في تل أبيب.
ليس شرطاً أن يتبع الاعتراف علاقة دبلوماسية، ولا العلاقة الدبلوماسية تبادلاً للسفراء المقيمين، فقد تكون على مستوى سفير غير مقيم، أو قنصل يقيم في أكثر من دولة.
بعد اتفاقية أوسلو، واعتراف المنظمة بدولة إسرائيل، وهذه بالمنظمة ممثلاً للشعب الفلسطيني، شهدت الاعترافات الدولية بإسرائيل طفرة، كما الاعترافات بالمنظمة والسلطة الفلسطينية، ورفعت العديد من الدول المعترفة قبل أوسلو بالمنظمة اعترافاً بدولة فلسطين. بعد تصويت الجمعية العامة على تغيير وضع (P.L.O) إلى دولة فلسطين، اعترفت 137 دولة بفلسطين عضواً مراقباً لا يحق له التصويت، ولكن مع رفع علم فلسطين على ساريات الدول الأعضاء في الجمعية العامة، كما هو حال «دولة الفاتيكان».
حتى قبل أوسلو شغلت (م.ت.ف) منصب نائب رئيس حركة دول اللاـ انحياز، وقبل سنة انتخبت دولة فلسطين ورئيسها لرئاسة مجموعة الـ 77+الصين، المزمع أن تعقد إحدى جلساتها في رام الله بعد شهرين!
تتطلع دولة فلسطين إلى الانتقال من دولة عضو مراقب في الجمعية العامة إلى دولة عضو دائم لها حق التصويت. هذا مشروط بتصويت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، لكن أميركا نقضت عدة مشايع قرارات بهذا الخصوص.
حتى قبل العام 2016 وانتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة كانت سائر الدول الأعضاء، سواء في الجمعية العامة أو مجلس الأمن باستثناء إسرائيل تعترف بـ «الحل بدولتين» والقدس عاصمة مشتركة لهما. لكن مع «صفقة القرن» انسحبت أميركا من «حل الدولتين» واعترفت بالقدس عاصمة إسرائيل وحدها، وانسحبت إدارة ترامب من تمرير إدارة أوباما قرار مجلس الأمن 2334 الذي يعتبر الاستيطان غير شرعي، خلاف استمرار أربع دول دائمة العضوية في مجلس الأمن على الاعتراف بـ «حل الدولتين» والقدس عاصمة مشتركة لهما.
مع أن برلمانات دول أوروبية غربية عديدة صوّتت على مشاريع للاعتراف بدولة فلسطين، بما فيها مجلس العموم واللوردات البريطاني، والجمعية الوطنية الفرنسية، علماً أن فرنسا وبريطانيا تتمتعان بعضوية دائمية في مجلس الأمن، لكن الحكومتين لم تعملا وفق تصويتات البرلمان، علما أن وزير خارجية فرنسيا سابقا لوّح باعتراف بلاده بفلسطين، إذا لم توافق إسرائيل على «حل الدولتين».
نظرياً، وربما قانونياً، تستطيع فلسطين أن تطعن في عضوية إسرائيل في الجمعية العامة، لأن قبول عضويتها كان مشروطاً بموافقتها على تقسيم فلسطين، وقبولها عودة اللاجئين إلى بلادهم الأصلية.. لكن هذا القرار صارت أمامه صخرة التصويت الأميركية في مجلس الأمن.
كطريق جانبي، حاولت فلسطين وضع أميركا وإسرائيل أمام واقع بانضمامها إلى مزيد من المنظمات والاتفاقيات الدولية. فقامت أميركا بالانسحاب من بعضها، مثل اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية و»اليونيسكو».. إلخ!
تحوز دولة فلسطين بعض مقومات وأسس الاعتراف بها، مثل تحديدها لحدودها، وإقرار دستورها المؤقت، بينما لا تحدّد إسرائيل حدوداً لها، ولها إعلان قيامها دولة دون دستور.. لكن فلسطين لا تسيطر على أرضها المحدّدة في دستورها المؤقت، وإن كانت حكومتها تحكم شعبها إدارياً، ولا تحكم حتى المنطقة (أ) أمنياً أو حتى سيادياً منذ حرب الاجتياح الإسرائيلية بعد الانتفاضة الثانية.
«صفقة القرن» تقدم أمن إسرائيل الجغرافي والديمغرافي والسياسي على حق تقرير المصير الفلسطيني والاستقلال الفلسطيني، لكن اعتراف إرادة ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وانسحابها من «حل الدولتين» وهو الاسم الكودي لدولة فلسطين نظرياً، سيبقى معزولاً دولياً ومن جانب الشرعية الدولية، طالما لا تذعن السلطة الفلسطينية.
من السهل مطالبة الفلسطينيين لسلطتهم بإلغاء التزام أوسلو، لكن كيف السبيل لضمان اعتراف باقي دول العالم بجواز سفر دولة فلسطين الذي لا يشير إلى صدوره وفق اتفاقية أوسلو؟
اللاجئون في لبنان
هناك من يرى أن قانون العمل اللبناني المقترح لا يعني فقط منع عمل اللاجئين الفلسطينيين في مهن كثيرة، بل استبدال صفة اللاجئ بإقامة عمل، وكل من يحصل على إقامة عمل يُشطب من سجلات «الأونروا» إلى صفة مقيم يمكن إلغاء إقامته.. كما هو حال المقادسة الفلسطينيين الذين يحملون صفة مُقيم!
هل هناك صلة بين «صفقة القرن» وتصاريح عمل الفلسطينيين في لبنان؟
حسن البطل