توفيق أبو شومر - النجاح الإخباري - لا أزال أذكر، قبل أربع سنوات، كيف أجبر اللوبي الصهيوني، أكبرَ شركات الاتصالات الكبرى، شركة أورانج الفرنسية، أن تُعلن على لسان مديرها، ستيفان رتشارد، يوم 1-7-2015:
"أعتذر لكم، إن شركة أورانج لن تُقاطع إسرائيل، ولن تدعم حركة المقاطعة، بي، دي، إس"
لم تكتفِ إسرائيل بهذا الاعتذار، بل أجبرت مدير الشركة نفسه أن يحضر إلى إسرائيل، وأن يعتذر من نتنياهو شخصياً، وهذا ما حدث بالفعل.
لم يكتفِ الإسرائيليون أيضاً بالاعتذار المكتوب، والشخصي، إلا بعد أن دفعت شركة، أورانج تسعين مليون يورو لشركة، بارتنر الإسرائيلية تكفيراً عن قول مديرها العام، ستيفان في القاهرة يوم 3-6-2015 : (إنَّ شركة أورانج ستُقاطع إسرائيل)!
إن الخطط والميزانيات المالية، هي الأقوى في عالم اليوم من كل الخطابات، ومن ملايين بوستات فش الغُل في مواقع التواصل الاجتماعية.
في السياق ذاته، عقدت إسرائيل في 29-6- 2019 أكبر مؤتمر لمحاربة حركة المقاطعة في القدس، البي، دي، إس، وألصقتْ بها تهمة اللاسامية، حيث جمع المؤتمر ثلاثمائة وخمسين شخصية مؤثرة، ينتمون إلى أربعين دولة، أشرف على المؤتمر مبعوثٌ أميركي خاص، يتبع وزارة الخارجية الأميركية اختصاصه الرئيس، محاربة البي، دي، إس، وهو إيلان كار.
امتدح المؤتمر قرار البرلمان الألماني الذي أخرج حركة المقاطعة عن القانون الألماني، ودعا إسحاق هرتسوغ، رئيس الوكالة اليهودية في المؤتمر دول العالم لأن تحذو حذو ألمانيا.
لم يكتفِ الإسرائيليون بالعمل كفريق في المجال المؤسساتي والدولي، بل طالتْ جهودُهم أيضاً حتى متابعة الكتب المنشورة في العالم.
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية يوم 28-6-2019 قصة كتاب، بعنوان:
"كيف يحكمون العالم، اثنان وعشرون سراً استراتيجيا للقوة العالمية" للكاتب الإسباني، بيدرو بانوس، صدر الكتاب الأصلي باللغة الإسبانية.
ترجمت دار النشر البريطانية الكبرى، بنغوين، هذا الكتاب إلى اللغة الإنجليزية، في شهر إبريل الماضي.
جرتْ عمليات مطاردة هذا الكتاب، وناشره بعد مراجعة الكتاب، من قبل عدد من الحركات والمؤسسات اليهودية، ومن الباحثين الصهيونيين المختصين، أوقفت دار النشر طبع الكتاب، بعد طباعة ثلاثة آلاف نسخة، بيع منها خمسمائة فقط، لأن الكتاب، وفق زعم المتابعين الصهاينة، يحتوي على نظرية المؤامرة اليهودية.
جرى هذا الاكتشاف بعد مراجعة الكتاب في نسخته الأصلية، من قبل لوبي صهيوني من المتابعين النشطين، اكتشف المتابعون إشارة إلى العائلة اليهودية الثرية، روتشلد، حيث ورد في النسخة الإسبانية الأصلية:
"يعود السبب في انتشار ظاهرة اللاسامية، وكذلك انتشار النازية إلى عائلة روتشلد اليهودية الثرية".
النص السابق جرى إغفالُه في النسخة المترجمة للإنجليزية!، لم يكتفِ المتابعون بذلك، بل حركوا لوبي الضغط الصهيوني ضد دار النشر، بنغوين؛ تلقتْ دار النشر، بنغوين احتجاج الحاخامية اليهودية الإصلاحية في بريطانيا التي اتهمتْ الكاتب بأنه يُشجع نظرية اللاسامية، ما ضاعف الضغط على دار النشر التي أوقفتْ طباعة الكتاب، وألغتْ الدعاية له، وأزالت الكتاب من الموقع الإلكتروني لبنغوين.
لم يكتفوا بذلك، بل جرى فتح ملف الكاتب الأسباني، بيدرو بانوس، فاكتشف اللوبي الصهيوني، وهو المتابع النَشِط، أن مؤلف الكتاب، بيدرو كان عقيدا في الجيش الإسباني!
هم يعملون كفريقٍ مُنظم، أما نحن فنعمل كفريقٍ وحيد يسعى للنجاة من الموت، هم يُخططون وينفذون، ونحن نخطب، ونشجب، هم يؤرشفون الأحداث، ويستفيدون من نتائجها، أما نحن، فإن ما يحدث اليوم يُنسينا ما جرى بالأمس!!.