ماجد هديب - النجاح الإخباري - ما زال ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية يتهافتون على إعلان تأكيد حضورهم لمؤتمر البحرين ،تهافت الذباب على كل طعام ،وما زال الفلسطينيون أيضا يتمنعون عن حضور هذا المؤتمر ويحذرون من تداعياته ،تمنع نحر الناقة وركوبها ،وما بين هذا التهافت والتمنع خيارات صعبة ،واسئلة مطروحة امام القيادة الفلسطينية يستوجب منها الإجابة عليها ،ليس لمواجهة ما قد يحمله هذا الذباب من عدوى طعام امريكي اسرائيلي فاسد فقط ،وانما للاستفادة ايضا من هذه الناقة ، لحما ،او ركوبا ،فما هي تلك الخيارات والأسئلة التي يجب على القيادة الفلسطينية الوقوف امامها وصولا لوقف انعكاسات هذا التدهور العربي والانحطاط في اخلاق الانظمة الرسمية على قضيتهم بفعل مشاركة تلك الانظمة في مؤتمر البحرين ،وذلك في الوقت الذي اعلنت فيه روسيا، والصين ،والأمم المتحدة صراحة عدم المشاركة في هذا المؤتمر لما على جدول اعماله من مواضيع فيها ظلم للشعب الفلسطيني ،واجحاف بحق تقرير مصيره ، وتجاوز أيضا لحل الدولتين؟.
كثيرا ما طالبنا القيادة الفلسطينية بخلط الأوراق لابتداع الخطط وتنفيذ البرامج من أجل فرض الحلول في ظل ما تعانيه الدول العربية من مشكلات داخلية وخارجية ،وكثيرا ما طالبنا ايضا بضرورة أن يتجه الفلسطينيون نحو ترتيب أولوياتهم لإثبات وجودهم سياسة وقوة في ظل ما تعانيه هذه الدول من مشكلات، وفي ظل انعكاس هذه المشكلات على كافة الأطراف الفلسطينية ذات الاتجاهات والولاءات المتعددة ، إلا ان القيادة الفلسطينية كانت وما زالت بعيدة عن ذلك الإبداع في ترتيب تلك الأولويات ،وهذا ما أدى الى ان تكون لاءات الفلسطينيين ضد صفقة القرن ومؤتمر البحرين مجرد الفاظ لا صوت لها، او نفع منها في ظل طنين وازيز هؤلاء المتهافتون والمتزلفون بوضاعة على تنفيذ الشق الاقتصادي من تلك الصفقة، فهل قام الفلسطينيون مثلا بترتيب أولوياتهم من حيث ضرورة الاتجاه ،إما نحو استخدام أوراق ضاغطة لمواجهة هؤلاء المتهافتين الذين اعلنوا مشاركتهم في مؤتمر البحرين ، وإما نحو العمل على تحسين اسباب وأهداف مؤتمر البحرين ،وبشكل لا يخرج عن اطار حل الدولتين ؟.
لقد أخطأ الفلسطينيون ،وما زالوا وللأسف في دائرة هذا الخطأ ،وذلك منذ ان ابتعدت القيادة الفلسطينية عن استقلالية قرارها ،وأصبحت في كل لقاء او مؤتمر تستجدي هذه الوصاية على هذا القرار باسم العروبة والدين ،وذلك بعد ان دفع الشعب الفلسطيني ثمنا غاليا للخلاص من تلك الوصاية عليهم والحفاظ على استقلالية قرارهم ،وعليه فقد آن الأوان أن تعمل السلطة بالخروج من دائرة هذا الخطأ ،تلك الدائرة التي اثقلت كاهلنا وزادت من اعبائنا لاتساع الافعال والتصريحات الخاطئة ،حيث ان تصويب تلك الأفعال والخروج من تلك الدائرة تتطلب مجموعة من الخطوات التي يجب على السلطة الفلسطينية الشروع بها والإعلان عنها ،ومن بينها ،بل وفي مقدمتها التهديد بقطع العلاقات مع كل من اعلن المشاركة في مؤتمر البحرين، لما في تلك المشاركة من خيانة للعروبة والدين ، مع ضرورة دعوة منظمة التحرير والسلطة الوطنية لعقد المؤتمرات والندوات مع احزاب المعارضة في تلك الدول للاتفاق فيما بينهما على برنامج نضالي سياسي ضاغط لوقف هذا الانحطاط الرسمي؟.
على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية مغادرة مربع المتأثر والانتقال الى مربع المؤثر ،والخروج من دائرة الصمت الى دائرة الفعل ،وذلك من خلال اتخاد مواقف واجراءات حاسمة بعيدا عن سياسة الغزل المتبعة من أجل مواجهة الدول المشاركة في مؤتمر البحرين ،حيث على القيادة الهاشمية أن تعلم مثلا في ظل تذبذب موقفها الرسمي بان خضوع الاردن للضغوط والاملاءات الامريكية والانصياع لحضور مؤتمر البحرين والتجاوب مع صفقة القرن ستؤدي الى سحب الوصاية الممنوحة لها على القدس ،مع التلويح بإعادة تلك الوصاية الى الدولة التركية كخليفة للدولة العثمانية ،التي تمتلك من الأوقاف الاسلامية في فلسطين ما لم تمتلكه الدول الاسلامية مجتمعة ،كما على منظمة التحرير الفلسطينية ان تعمل على امتداد سياستها خارجيا بالإتجاه نحو الدول التي يوجد بها فلسطينيون من اللاجئين ،ومن بينها الاردن ،ولبنان ،وسوريا لوضع خطة شاملة بعد التنسيق معهم لمواجهة خطر التوطين الزاحف والقادم اليهم كأحد افرازات هذا المؤتمر .
أسئلة كثيرة تلك التي يجب ان يقف الفلسطينيون أمامها قبل تحديد خياراتهم فيما لو ارادوا فعلا افشال مؤتمر البحرين والعمل على عدم انعقاده ،وثني الدول العربية عن حضوره ،في ظل ادراكنا التام بانها اسئلة صعبة وخطيرة لا يمكن مجرد التفكير بها دون تعزيز الوحدة فيما بين الفلسطينيين ،ودون اعادة الاعتبار ايضا لمنظمة التحرير والسلطة ،حيث كان لا يمكن لهؤلاء المتهافتون إعلان مواقفهم الخيانية في ظل قوة الفلسطينيين ووحدة مواقفهم ، فهل يتجه الفلسطينيون نحو ابتداع الخطط من اجل خلق خريف عربي يعمل على اسقاط الطفيليات في تلك الدول المؤيدة لصفقة القرن والتي زاد نموها في ظل ما يسمى الربيع العربي ،وذلك من خلال تعزيز العلاقة مع قوى المعارضة فيها، فما المانع من التلويح مثلا بورقة حقوق الشيعة في البحرين ضد الذين ارتدوا فيها ثوب السنة زورا وبهتانا ،والذين لم يألون جهدا في تقديم خدماتهم للاستعمار منذ أن كان هؤلاء قبائل متناحرة لا يجيدون الا الاغارة على قوافل التجارة والحجيج قبل ان يصنع لهم الانجليز تلك الكيانات التي يتربعون الان على عروشها؟ ، ام ان الفلسطينيين كتبوا على أنفسهم ان يكونوا متأثرين، لا مؤثرين، وفي أحسن تعديل ربما ارتضوا ان يكونوا اصحاب لاءات غير مدعومة، ودون تحصين لقضيتنا الوطنية ولجبهتنا الداخلية.
إما أن نكون او لا نكون ،ونحن يجب علينا أن نكون، اما بالاتجاه نحو خيار حشر انظمة الردة والخيانة بالزاوية حتى تصبح تلك الأنظمة عونا لنا في افشال مؤتمر البحرين ،لا عونا لأعدائنا في إنجاحه ، وإما بالاتجاه نحو خيار حضور هذا المؤتمر حتى لا تتجاوزنا الوقائع والأحداث ،لان استمرار تكرار اللاءات دون فعل هو بمثابة خيار الصعود بالقضية على منصة الاعدام السياسي والجغرافي أيضا فهل يمكن للقيادة الفلسطينية أن تعمل على تهديد مصالح تلك الانظمة العربية في حال استمرار سياسة هذه الانظمة بتجاهل الفلسطينيين وتجاوز حقوقهم ،أم أن عدم قدرة الفلسطينيين الذهاب في هذا الاتجاه مع خوفهم أيضاً على مستقبل القضية ،سيدفع قياداتهم إلى محاولة فرض معادلات ومعطيات لا يمكن انجاحها دون حضور هذا المؤتمر؟.