دلال عريقات - النجاح الإخباري - الجامعة العربية الأمريكية
عند مراجعة إخفاقات أوسلو أو أين أخطأنا في الاتفاقيات الانتقالية الأولى التي هيأت لإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية بداية التسعينات، عادة ما نتحدث عن عدة أمور أهمها الاعتراف وكيف أن منظمة التحرير اعترفت بالدولة الاسرائيلية دون الحصول على اعتراف مماثل لا بدولة ولا حتى بحق تقرير المصير ومن الأخطاء الدارج الحديث عنها أيضاً هو تقسيم الأرض إلى أ، ب و ج، وهنا سيتناول مقال الْيَوْم موضوع مناطق ج.
بالرغم من أننا شخصنا القبول بتسمية هذه المناطق وتجزئتها على مراحل انتقالية بالخطأ الفادح، وبالرغم من معرفة الجميع على المستوى الرسمي أن هذه الأراضي المندرجة تحت مسمى ج باتت مهددة بالمصادرة والضم إلا أننا وبغير قصد ما زلنا نعزز مفهوم مناطق ج!.
لقد عملت الحكومات السابقة على تخصيص وحدة لتُعنى بشؤون التنسيق للبرامج والمشاريع والأموال التي يتم تنفيذها في هذه المناطق؛ كانت هذه الوحدة جزء من وزارة التخطيط ثم أحيلت تحت مظلة مكتب رئيس الوزراء.
من المهم التيقظ قبل فوات الآوان أننا وبقبول المُسمى وبتداوله ساهمنا دون قصد بترسيخ حقيقة أن مناطق ج تخضع لمرحلة انتقالية لاحقة ليست من حقنا الآن ولا يجوز لنا التخطيط فيها حتى تقرر اسرائيل.
قرارات الحكومة في المشاريع المختلفة تخصع لهذا التقسيم البغيض حتى قرار شراء الأراضي من قبل المواطنين يخضع لهذا التصنيف، قد نتفهم خضوع الفرد لهذا التقسيم حرصاً على ضياع الملك ومصادرته من قبل الاسرائيليين ولكن لا نتفهم خضوع المخططين الرسميين والوزارات والبلديات لهذا القمع والتجبر الاسرائيلي خاصة وأن المشاريع الاستراتيجية الكبيرة عادة ما كانت ممولة من قبل المجتمع الدولي، فلمَ لا تقوم الحكومة بتمويل مشاريع استراتيجية في هذه المناطق؟ من الجدير بالذكر أن الاتفاق الانتقالي ١٩٩٥ نص على (بعد ١٨ شهر من انتخاب المجلس التشريعي تنتقل الولاية كاملة للمجلس الفلسطيني على كافة الأراضي الفلسطينية الضفة الغربية وقطاع غزة على اعتبار انها وحدة جغرافية واحدة باستثناء ملفات الوضع؛ القدس، اللاحئين، الحدود والمناطق العسكرية) وعليه إذاً ابتداءً من ١٩٩٧ الولاية كاملة للفلسطينيين دون تصنيفات أ، ب أو ج.
ستستمر اسرائيل بهدم وتدمير هذه المشاريع حتى يشهد الممولون تكرار التمرد الاسرائيلي، لعل دول العالم الممول تتجه قضائياً لمحاسبة اسرائيل لتدميرها منشآت أجنبية وأوروبية التمويل وإهدارها للخدمات الانسانية المقدمة في تلك المناطق من قبل الدول المانحة.
علينا الْيَوْم التيقظ لهذه الإشكالية التي وقعنا في فخها وقمنا بتعزيزها وقبولها دون قصد!
مناطق ج هي حق فلسطيني وهي جزء أساس من الأرض الفلسطينية المُعترف بها دولياً داخل حدود ١٩٦٧، فليتوقف الجميع عن التعامل مع هذه المناطق بصورة استثنائية!
لمَ لا نقيم المشاريع في مناطق ج؟ لمَ لا نستثمر في هذه المناطق؟ فلتتخذ الحكومة موقفاً واضحاً للتعامل مع الأراضي الفلسطينية ككل دون تصنيفات فهذه ثقافة باتت منتشرة وعلينا العمل لتصويبها، أتمنى من صانعي السياسات العامة إدراك خطورة الموضوع والعمل فوراً على تنفيذ ونشر ثقافة جديدة والتخلي عن المصطلحات والتصنيفات الجغرافية التي عملت على تمزيق وحدتنا الوطنية وتبديد آمالنا التحررية.
فلنسقط مسمى مناطق ج، فلنسقط مصطلح "المحافظات الجنوبية والمحافظات الشمالية" فلنسقط مصطلح "الضفة" ومصطلح "غزة" ولنتحدث ونخطط لفلسطين جمعاء ولوحدة جغرافية واحدة.