صلاح هنية - النجاح الإخباري - كانت تجربة مميزة عندما كنت أعمل في وزارة التربية والتعليم في البدايات عندما صدر كتاب «التربية الوطنية» للمرة الأولى، يومها حملنا الكتاب ووزعناه على المؤسسات والكتاب والصحافيين والباحثين وحصلنا على التغذية الراجعة، وكان التقييم إيجابياً كونه يعزز الوطنية الفلسطينية ومفاهيم جامعة تقدم ببساطة ويسر.
تعزيز الانتماء والقيم الوطنية كان هماً أساسيا للوزارة في البدايات وبدأت لحظة رفع العلم الفلسطيني على المدارس والنشيد الوطني وطابور الصباح لنحكي الحكاية بلسان الطلبة والمعلمين، لم يكن الأمر مرورا عابرا او مشهدا عاديا بل كان ذا مضمون يعني الكثير للطبلة وللأسرة التربوية كبعد فيه تحدٍ ونفض غبار قد مضى، وتواصلت الأمور لحظة إعادة المعلمين المفصولين امنياً من قبل الاحتلال، وكانت زيارة المدارس تعكس آثار هذه التغيرات التي كان البعض يعتبرها شكلية وليست ذات قيمة.
عشنا في وزارة التربية والتعليم لحظة إطلاق مركز المناهج الفلسطينية والاعدادات التي رافقته وآثاره الإيجابية وإشراك فئات ممثلة من المجتمع ليكونوا على اطلاع في التجربة، وعقدت عدة جلسات لوضع الجميع في استراتيجية اعداد المناهج والتوجهات المستقبلية، وكان المرتكز وثيقة الاستقلال والقيم الجامعة في المجتمع، وكانت القلوب والعقول مفتوحة لوجهات النظر المختلفة حتى التي كانت تقال دون اطلاع كنا نقيم لها وزنا ونناقشها.
واذكر تجربة تدريب المعلمين والمعلمات على المناهج الجديدة واعداد الاشراف التربوي ليتناغم مع المناهج ومع تدريب المعلمين والمعلمات ليكون الجميع في ذات السياق، وكانت الإدارة العامة للإشراف والتدريب التربوي تستمع وتدرس وتستخلص العبر لكي تضمن أن الميدان متناغم مع السياق.
وارتبط بهذا كله النشاطات الطلابية واللامنهجية لتكون مكوناً من ذات السياق فلم تكن النشاطات هدفا بذاتها بل تعبيراً عن سياق متكامل في العملية الطلابية، ولعل أول مهرجان نظم في غزة شكل نقلة نوعية في أداء ومضمون النشاطات وباتت اهتمام المجتمع لأنها مكون من مكونات العملية التربوية التعليمية دون انفصال.
وكان الاعلام التربوي ينسج خيوط الحكاية لينقلها بأمانة للرأي العام وللعالم: اننا ها نحن هنا الآن نصنع فرقاً نصيغ رؤيتنا التربوية لنصنع اجيالاً تحمل قيماً ومفاهيم تثري تجربة المجتمع وتساهم بنقله نقلة نوعية.
وكانت المدارس جزءاً من يوم الديمقراطية التي كان ينظم سنوياً ويذهب الطلبة لحضور جلسات المجلس التشريعي والاطلاع على عمله، والاطلاع على التجربة الانتخابية في فلسطين وتطورها آنذاك، لتشكل نموذجا في الممارسة الديمقراطية.
مؤخرا هذه الأيام خضنا في ائتلاف جمعيات حماية المستهلك تجربة مبادرة «منا والنا» لدعم المنتجات الفلسطينية في المدارس الفلسطينية وهناك تأكدت ان التربية الوطنية أتت أكلها فها هم المدراء والمعلمات والطالبات على قلب رجل واحد باتجاه دعم المنتجات الفلسطينية وتنظيم نشاطات بهذا السياق، وهذا ما يؤكد أن المدارس ظلت تشكل طليعة للمجتمع، وباتت مقاصف المدارس لدعم المنتجات الفلسطينية ويتم تضمينها للجمعيات النسوية التي لا تستخدم مواد مضافة ولا حافظة.
وشكلت هذه التجربة انعكاسا للوعي حيث خاطبتنا الطالبات والطلاب بوعي عن حقوق المستهلك والابلاغ عن المخالفات وأهمية دعم المنتج الفلسطيني وهذا انعكاس لمكونات المنهاج والنشاطات والإذاعة المدرسية.
ومع انعقاد اول جلسة لجلسات المجلس التشريعي بعد انتخابه كانت في قاعة الوزارة في رام الله يومها تابعناها بتفاصيلها حي بمشاركة ياسر عرفات الذي وضع النقاط على الحروف، يومها كانت كل مداخلاته وتعليقاته تركز على «المواطن أولا» «انتم جئتم لتخدموا الناس وليس للامتيازات».
والتجربة الاروع هي استقبال الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في مقر المجلس التشريعي المؤقت والتحضيرات التي رافقته ونقطة التحول التي احدثتها، وخصوصاً المشهد الذي اصطدم فيه مع شرطة الاحتلال في القدس المحتلة عندما اعترضوه.
حكايتنا مع وزارة التربية والتعليم كانت تلامس الوطنية الفلسطينية وتعكسها في المنهاج والنشاطات التربوية واعداد المعلمين والاشراف التربوي وكان الطالب والطالبة محور العملية التربوية التعليمية.
Aya2abd@yahoo.com