يحيى رباح - النجاح الإخباري - شكرا لوزراء الخارجية العرب على مجمل قراراتهم التاريخية التي اتخذوها في اجتماعهم الأخير يوم الأحد الماضي في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، برئاسة أمين عام الجامعة أحمد ابو الغيط ذلك الدبلوماسي المخضرم، وزير الخارجية المصرية سابقا، تلك الوزارة التي تخرجت منها قافلة متميزة من وزراء الخارجية لهم بصمات مذهلة في الدفاع عن الحقوق المصرية والعربية والفلسطينية.
وكان من أبرز خصوصيات الاجتماع هو حضور رأس شرعيتنا الفلسطينية الرئيس أبو مازن الذي أضاء هذا الاجتماع بقدر هائل من المعرفة والمتابعة، وآخر التطورات التي وصلت إليها قضيتنا الفلسطينية في ظل موجة الانحياز الأعمى ضد شعبنا وضد أمتنا ومكانتها ودورها الذي لا غنى عنه لسلام العالم، وكانت صفقة القرن صفقة العار الأميركية وأهدافها المحورية والجانبية هي الموضوع الرئيسي لهذا الاجتماع، حيث إن هذا الرئيس الغريب الأطوار دونالد ترامب الفاشل داخل أميركا، والفاشل في معارك متعددة فتحها على امتداد العالم، ابتداء من جيرانه الأقربين في المكسيك الذين حاول أن يحاصرهم بالجدار، والمعركة التي فتحها ضد فنزويلا مادورو التي واجهته بالاستنفار الشامل، إلى بقية المعارك الفاشلة الأخرى.
على صعيد التجارة الدولية مع حليفته السابقة أوروبا، وخصمه الكبير اللدود الصين، وذلك النجم الساطع كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية، والتناقض الذي يزداد خطورة مع إيران ومع تركيا وآخرين، فخطرت على باله فكرة غبية ومجنونة، أن طموحات الهيمنة الحمقاء، يمكن أن تتحقق من خلال توجيه ضربة قاتلة إلى الأمة العربية تمس في الصميم بصلب الهوية وعمق العقيدة، فكانت صفقة القرن التي يتوهم إمكان شرعنتها عبر ضم القدس، والحرب على كل المفردات الفلسطينية، الارض، واللاجئين، و"الاونروا"، وحل الدولتين، وضم الجولان ومزارع شبعا، وتوزيع الشعب الفلسطيني كأنه سبايا على دول الجوار.
ترامب صدم أولا صدمة الفشل بأن وجد في مواجهته قائدا من نوع جديد في الصلابة، وفي الوعي العميق الواسع في فهم الحراك العالمي واجتياحاته الرئيسية وبقدر من الشجاعة قل أن يملكه زعماء آخرون في دول كبرى، إنه رئيسنا ورأس شرعيتنا الرئيس أبو مازن الذي استطاع بحوار طويل مع القادة، أن يظهر مدى الارتباك والسقوط الحتمي للسياسة الترامبية، وان ترامب يهرب إلى هذه الافعال الشائنة وشبه المجنونة لحماية نفسه من السقوط في داخل أميركا الذي بات قريبا، حيث عاد تقرير مولر يلاحق ترامب مثل نظرية التفجير المتسلسل، فما يكاد ترامب يصفق بيديه مثل طفل أبله، بأن التقرير لصالحه، وأن التقرير أكد براءته من التهم والجرائم المنسوبة اليه، وهي كلها تبشر بسقوطه وانتزاعه كآفة ضارة من البيت الابيض، مازال الطريق مستمرا و مازالت الفصول السوداء تتتابع.
الموقف الرئيسي الفلسطيني بإسقاط "صفقة القرن" ليس موقفا في الفراغ، بل هو جزء رئيسي من المزاج العالمي، من الموقف العالمي الذي تدعمه مصالح بعيدة المدى، مصالح كبرى، نحن لسنا ضد العالم، نحن جزء من سياق العالم، وأمتنا التي يستهين بها ترامب، هي جزء حيوي وكبير الأهمية من مصالح العالم واستقراره، هذا هو ايماننا ووعينا إلى مستوى اليقين الابيض، وقرارات وزراء خارجية العرب هي قرارات شجاعة وحكيمة وفي السياق العالمي، ويا أهلا بالمعارك.
الحياة الجديدة