يحيى رباح - النجاح الإخباري - شكراً لدونالد جي ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، فقد فرز نفسه كأكبر راعٍ للإرهاب في العالم، وأعلن بصريح العبارة أنه لا يقيم وزناً على الإطلاق للنظام الدولي وأنه يريد تدميره وإلغاءه، وأنه بالنسبة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية على وجه الخصوص، والقضية المركزية، وهي القضية الفلسطينية، وهي على وجه أكثر خصوصية، يريد أن يعود بنا إلى الوراء، إلى أكثر من مئة سنة إلى الوراء، إلى زمن سايكس/بيكو، وإلى زمن وعد بلفور المشؤوم، وإلى زمن الاستعمار القديم بأعتى أشكاله، ويريد أن يقرر مصير العالم على هواه، وعلى مستوى غطرسته وجنونه الواضح، وفضائحه الكثيرة التي عندما يغادر البيت الأبيض بأي صيغة، السقوط، انتهاء فترته الرئاسية، انفجار فضيحة بالغة القذارة من النوع الذي لا يستطيع الشعب الأميركي احتمالها، أو فشل حلمه بأن الصهاينة ومجموعات المسيحيانية اليهودية الذين هم أقذر من الصهاينة سينحازون إليه، ويحاربون معاركه بدلاً منه، مع أن التاريخ يقول له بوضوح إن هؤلاء الصهاينة أذكى منه ألف مرة، فهو فارغ العقل، مختل الضمير، مصاب بهوس العظمة، وأنهم حين ينتهون من استغلاله سيلفظونه كأنه بقايا قمامة كريهة.
دونالد جي ترامب هذا، اصطدم مع العالم كله، حتى مع حلفائه التقليديين في أوروبا الذين وصفهم بالأعداء، والذين استشاط غضباً منهم حين دعا بعضهم إلى تكوين جيش أوروبي يعتمدون عليه بدلاً من حلف شمال الأطلسي الذي تهيمن عليه أميركا، واصطدم مع روسيا التي كشفت الكثير من أوراقه، وجعلته يعلن أكثر من مرة أنه هزم تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن الحقائق تقول إن أهم طرف في هزيمة داعش هو الشعب السوري والجيش السوري البطل، والنظام السوري الشجاع، بغض النظر عن الدعاية الرخيصة التي يقوم بها ترامب لصالح ما يسمى سورية الديمقراطية أو جماعة الخوذ البيضاء.
واصطدم ترامب مع الصين في حرب تجارية اضطر معها إلى الاعتراف بالواقع وأن الشعب الصيني بقيادته ليسوا خصماً سهلاً، بل لهم إسهام كبير جداً في مصير العالم، واصطدم مع كوريا الشمالية التي جعله رئيسها كيم جونغ أون يهذي، وعاجزا عن اتخاذ أي قرار، واصطدم مع إيران التي أحاطها بقرارات الحصار والعقوبات، فازدادت قوة وتأثيراً، واصطدم مع تركيا التي هددها بتدمير اقتصادها في واحدة من شطحاته وتغريداته، ولكنه عاد ليبتلع لسانه السليط داخل فمه، اصطدم مع العالم كله في الجمعية العامة ومجلس الأمن، ولكن العالم بأغلبيته أسقط قراراته، وحوله إلى شخص جعجاع ليس إلا، لا يجيد شيئاً سوى وضع توقيعه على قرارات بلهاء ومعادية ومشينة يبالغ في عرضها على شاشات التلفزيون.
كأمة عربية لسنا وحدنا في المعركة مع ترامب، هناك كثيرون تعرضوا لأذاه، وهم يقاومونه ويهددونه، وآخرهم صديقنا الرئيس الفنزويلي الشجاع مادورو الذي قال بصريح العبارة إن الولايات المتحدة لو مست حبة رمل واحدة من فنزويلا، فإن فنزويلا ستتحول إلى فيتنام ثانية.
الأمة العربية ليست وحدها في المعركة مع ترامب الراعي الأول للإرهاب، لماذا ندعه يستهين بنا كأمة؟؟؟ من هو حتى يقدم قدسنا هدية مجانية لإسرائيل؟؟؟ ويقدم جولاننا العزيز هدية مجانية لنتنياهو حتى ينجح في الانتخابات؟؟؟ ولماذا يصرح وزير خارجيته بومبيو بأنهم لن يتعاملوا مع المعايير القديمة. يعني قرارات الشرعية الدولية التي أكدت أن القدس محتلة، وأن الجولان محتل، وأن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي، وأن اللاجئين الفلسطينيين هم حقيقة وليس وهماً، وأن عودتهم إلى أرضهم وبيوتهم ومضارب خيامهم واجب مقدس نص عليه القرار الدولي 194؟؟؟
هل أميركا في عهد ترامب مؤهلة لذلك؟؟؟ وهل عدوانها، وظلمها، واستهتارها، سيمر مرور الكرام!!!
هذا هو السؤال المركزي المطروح أمام القمة العربية التي ستعقد في تونس بعد ساعات، إنه سؤال واضح، بسيط، عميق، ليس فيه اعتداء على أحد، وليس فيه تطاول على أحد، والأمم تعيش وتقوى وتزدهر حين تجيب بصراحة، بدون توازنات بلهاء وجبانة، بدون ركوع قبل المعركة، بدون تطبيع مجاني، بدون أن تترك ترامب الأحمق يعطينا جدولاً يحدد فيه من الأصدقاء ومن الأعداء، بدون أن نترك هذا الفاقد للأهلية يحدد لنا من نحب ومن نكره، فنحن بتبسيط شديد أمة، لها تاريخ، لها موروث حضاري، لها مصالح، ونحن أدرى بمصالحنا، فهل تتم الإجابة عن هذه الأسئلة في القمة العربية الثلاثين في تونس، أم نذهب إلى تونس الخضراء ونحن مشرعين سيوف الخلافات البينية المفتعلة؟؟؟
في ماضينا وفي حاضرنا إننا خير أمة أخرجت للناس، وفي هذا الأيام تحديداً، نحن أمة مضاءة بذكريات مجيدة، الذكرى الأولى لمسيرات العودة، والذكرى الثالثة والأربعين ليوم الأرض الخالد، والذكرى الحادية والخمسين لمعركة الكرامة، وذكرى الإسراء والمعراج، هذه ذاكرتنا تدل علينا، وكل ذلك وأكثر منه سنراه إن شاء الله حاضراً في القمة العربية الثلاثين في تونس الخضراء، التي قال شاعرها الخالد أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
Yhya_rabahpress@yahoo.com

الحياة الجديدة