د. دلال عريقات - النجاح الإخباري - الجامعة العربية الأمريكية
أكثر من 40 دولة ستشارك في المؤتمر الذي تستضيفه العاصمة البولندية في الفترة بين 12 و14 فبراير اَي بعد يومين.
سنحاول الْيَوْم الإجابة عن التساؤلات التالية: لماذا إحراج الفلسطينيين ودعوتهم قبل ايّام من المؤتمر؟ لماذا تأخرت وزارة الخارجية البولندية في دعوة الفلسطينيين لحضور المؤتمر عِلماً أن دعوات الدول الأخرى خرجت قبل شهر؟ ولماذا يكرر المسؤولون الأمريكان والبولنديين تمنياتهم بحضور رسمي فلسطيني؟ ماذا يتوجب على الفلسطينين من عمل ؟
لمحاولة فهم ما يجري، من المهم التنبه لما يلي:
١- المؤتمر يتم التسويق له بأنه من تحضير وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بالتعاون مع وزير الخارجية البولندي ياتسيك تشابوتوفيتش حتى أن الدعوات خرجت بصيغة مشتركة بولندية/أمريكية حسب البروتوكول في أوائل يناير اَي قبل شهر تقريباً إلا أن الفلسطينيين لم يتلقوا الدعوة إلا قبل يومين!
صحيح أن فلسطين تلقت دعوة رسمية بصياغة مشتركة بولندية أمريكية للمشاركة، إلا أن الرد الفلسطيني جاء واضحاً بأن أكد عدم حضور المسؤليين الفلسطينيين للمؤتمر أي عدم مشاركة الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. ومع هذا ما زال البولنديون يتأملون الحضور الفلسطيني، وهنا أكاد أجزم أن بولندا بذلت جهداً استغرق وقتاً لاقناع أمريكا بدعوة الطرف الفلسطيني الرسمي خاصة بعد أن استهجن الفلسطينيون عقد قمة دولية على هذا المستوى في وارسو ولمناقشة مواضيع بصلب القضية دون وجود وتمثيل فلسطيني!
٢- المتابع للأخبار منذ شهر يلحظ أن المؤتمر يأتي بخصوص قضايا مختلفة وما تم الإعلان عنه أن قمة وارسو ستناقش مجموعة من الملفات المهمة في منطقة الشرق الأوسط، من بينها تطوير الصواريخ البلايستية والإرهاب، والأزمات الانسانية، والأمن الإلكتروني، بالإضافة إلى ملفي سوريا واليمن.
باعتقادي أن الملف الإيراني هو الهدف الرئيسي الذي يعمل عليه بومبيو في منطقة الشرق الأوسط، وهنا من الطبيعي التحليل أن الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن شريك أوروبي للتأثير في القرار الاوروبي وتقسيم الاتحاد فيما يتعلق بالملف الإيراني، فأوروبا كإتحاد لديها موقف من العقوبات الأمريكية على إيران لذلك يحاول بومبيو جلب مجموعة الڤايسغراد (هنغاريا، التشيك، سلوڤاكيا وبولندا) لخلق موقف وتحالف جديد ضد إيران.
٣- دعوة الفلسطيينين جاءت متأخرة جداً في آخر لحظة، وهذا يعكس عدة حقائق:
- جاء الإعلان عن مشاركة جاريد كوشنر مستشار ترامب المسؤول عن الملف الفلسطيني/الاسرائيلي متأخراً. من المهم التركيز أن وزارة الخارجية الأمريكية ليست المسؤول المباشر عّن قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وهنا قرار حضور كوشنير المتأخر - في طريقه للمنطقة- قد يكون السبب لإضافة القضية متأخراً على اجندة المؤتمر، حيث تم الإعلان ان كوشنير سيبحث خلال المؤتمر خططاً للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهذا ما نراه غريباً؛ فبالوقت الذي تُحضر الادارة الامريكية العالم أجمع لتفاصيل صفقة القرن، يعلن كوشنير أنه يريد بحث خطط للسلام ويعقب المتحدثون الأمريكان أنهم يرحبون بحضور فلسطيني ويتطوقون بشدة لآراء السلطة الفلسطينية خلال النقاش، مع العلم أن (المؤتمر) ليس مفاوضات ولكنه نقاش يطمح لرعاية حوار بناء في وارسو.
-هناك مؤامرة أمريكية لتجنيد أوروبا والعرب ضد القيادة الفلسطينية عن طريق عزل القيادة الفلسطينية التي قررت مقاطعة إدارة ترامب لاقناع العالم بضرورة البحث عن بديل لهذه القيادة، من خلال إظهارها وكأنها من يرفض السلام ومن يقاطع العالم والدول المجتمعة في وارسو برفضها المشاركة في مؤتمرات ونقاشات السلام! فحتى اللحظة ما زلنا نسمع تمنيات من المسؤليين البولنديين والأمريكان للتواجد الفلسطيني للمشاركة وإغناء النقاش في وارسو! بصراحة لا يوجد حجة مُقنعة لعدم دعوة الفلسطينين طوال الفترة الماضية وتحول الموقف الآن للوم الطرف الفلسطيني على رفضه المشاركة! الفلسطينيون واضحون وضوح الشمس بأنهم لم بحضروا القمة ولَم يفوضوا أحداً للحديث باسم فلسطين لا لشيء إلا أنهم مقاطعون للإدارة الأمريكية حتى تستجيب للمطالب والحقوق الفلسطينية وعلى رأسها القدس.
من مصلحة الفلسطينيين الحفاظ على علاقة إيجابية مع بولندا وعدم خسارتها دبلوماسياً ولذا على الجانب الفلسطيني التوضيح لوارسو أن سبب عدم المشاركة الفلسطينية يأتي رفضاً للإملاءات والمؤامرات الأمريكية ضد مصالحنا الوطنية وأن هذا لا علاقة له باحترامنا لدور بولندا وأهمية ازدهار العلاقات الفلسطينية البولندية بالنسبة للقيادة الفلسطينية. قد يرد اَي دبلوماسي بولندي بأن من مصلحة الفلسطينيين الوطنية التواجد في المؤتمر والمشاركة في النقاشات بدلاً من ترك الفراغ وعزل أنفسهم إلا أن الأهم والأساس أن هذا المؤتمر يأتي بروح أمريكية وهنا نتمنى من بولندا أن تتفهم الموقف الفلسطيني الوطني المحفوظ في القوانين والمواثيق الدولية وأن تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني التي يتنكر لها الأمريكان إبتداءً من القدس الى اللاجئين.
عن القدس الفلسطينية