د هاني العقاد - النجاح الإخباري - مائة معيق واكثر حالت بين الفلسطينين ووحدتهم، معيقات باشكال مختلفة معظمها تم صناعتها في معامل خاصة وعلى درجة عالية من الذكاء لتفوق ذكاء الفلسطينين، وضعت بشكل مقصود  ومتقن في طريق الفلسطينين لتمنعهم من استعادة عافيتهم  ووحدتهم ليستكملوا مسيرة تحررهم التي بدءوها قبل ستون عامًا ومازالوا يحاولوا دون جدوي، من هذه المعيقات ما هي  كبيرة  وقاسية كالصخور ومنها ما يحجب الرؤيا عن الهدف الواحد  كالسدود الغريبة ومنها الحفر التي حفرها بعض العرب ليسقط فيها كل من سار باتجاه تحقيق حلم الفلسطينين  ,ومنها التلال التي صنعتها  امريكا واسرائيل .

المثير ان  الفلسطينين ساهموا في صناعة هذه المعيقات وامنوا بها ولم يحاولوا حتي ازالتها عن الطريق واستسلموا لها وبات الفصل الجغرافي والسياسي اقرب من لم شملهم ووحدتهم وهنا فان وحدتهم السياسية  اصبحت اشبه بالمستحيل , فقدوا الهدف وابتعدوا عنه واعتقدوا ان السلطة والحكم جزءاً من مسيرة التحرر والبوابة التي يمكن من خلالها تحقيق الانعتاق من الاحتلال الاسرائيلي وهذا وهم بالغ اثر على مسيرة التحررا لتي لن  تنجح طالما حولنا بنادقنا الى بنادق شرطية ,ولا وطن يتحرر طالما اضعنا المصلحة الوطنية وصادرنا ارادة الشعب وانكرنا الممثل الشرعي لنا كفلسطينين واعتقدنا اننا نستطيع خلق البديل الذي يرغب فيه المتربصون للقضية الفلسطينية . 

فشلت كل المحاولات العربية للجمع بين الفلسطينين لشراكة وطنية وكلما اقترب الفرقاء من ذلك كلما جاء من يفرق بينهم ويدق اسافين مادية ومعنوية ليبتعدوا كما المشرق والمغرب، عشرات جولات الحوار بالقاهرة راعية ملف المصالحة واكثر من ستة اتفاقات لانهاء الانقسام بحثت فيها ادق التفاصيل وقال كل طرف منهم قولته وفرض من الفروضات ما يريد الا ان النهاية باتت دراماتيكية فقد يكون الفلسطينين يرهنوا مصالحتهم بموافقة الغرباء ويريدونهم ان يزيلوا المزيد من العقبات التى تقف في طريق وحدتهم .

لعل فشل هذه المحاولات التي استمرت لاثني عشر عاما لم تنتهي لكنها توقفت وكرست الجهود على تدجين حركات المقاومة وادخالها العملية السياسية كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية سواء ادركت تلك الفصائل ذلك ام لم تدرك , لكن معطيات المشهد الاخيرة تقول ان هذه الفصائل تعرف كل شيء ومتفقة على كل شيء لان الاستعانة بالغرباء امر لا يقبله منطق في حين الايدي الفلسطينية مفتوحة والابواب مشرعة ولا يحتاج سوى الاعتراف بشرعية الفلسطينين وممثلهم السياسي والاصطفاف في صفوف مناضليه والعمل معا وبشراكة وطنية في كل القطاعات سواء الحكم او مسيرة التحرر, لكن منطق الاختلاف على اساس اما ان اخذ ما اريد او اذهب الى من يعطيني ما اريد...!هو السائد حتى لو كان ذلك بتوجيه العدو ,فان هذا اقسي ما  صدم العقل الوطني الفلسطيني .

دور موسكو ليس جديدا لكن حان وقته  بسبب رغبة موسكو بدور فاعل في الصراع  وجاء في الوقت الضائع لاستدراك موسكو الموقف الخطير الذي يعيشه الفلسطينين والذي بات يهدد كيانهم الوطني ومستقبل قضيتهم ويهدد تمثيلهم السياسي ومركزية قضيتهم  امام منصات المجتمع الدولي وهذا ما عبر عنه نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف" اكثر من مرة واعرب ان موسكو قلقة من تعثر المصالحة الفلسطينية , فما كان بالاخير الا الاتصال بالسيد "اسماعيل هنية" لبحث سبل عقد لقاء فلسطيني شامل في موسكو  يجمع الفصائل الفلسطينية بما فيهم فتح وحماس قبل ان يتخطي الفلسطينين حدود الممنوع  . هذا الحوار الذي ترعاه وزارة الخارجية الروسية  قد يساعد الفلسطينين على تخطي محنتهم ووقف انفصالهم السياسي واعاقة المخطط الامريكي الذي بني على اساس انقسامهم الاسود ,وخاصة ان وزارة الخارجية الروسية اكدت  اكثر من مرة على موقفها الثابت والمتمسك ببعث الوحدة الوطنية الفلسطينية في اقرب وقت وايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية على اساس القانون الدولي وحل الدولتين. 

الفلسطينيون فقدوا الامل نهائيا في استعادة وحدتهم بنفسهم ولا يعتقدوا ان موسكو تمتلك سحر لا يمتلكه العرب ليتفق الفلسطينين تنفيذ اتفاقاتهم  , لكن يبقى امل ما لدينا كمراقبين ان تنجح موسكو فيما فشل فيه الاخرون وويتمكن الروس من جسر الفجوات وتحيد الادوار الخبيثة التى خربت مسيرة وحدتهم واوصلتهم الى حافة الانفصال السياسي وهنا  اعتقد ان روسيا ستبذل جهد كبير من اجل قطع الطريق لفصل غزة عن الضفة الغربية لذلك سيكون ملف تشكيل حكومة أو تعديل وزاري على الحكومة الحالية يشارك فيها الكل الفلسطيني تمهد لانتخابات عامة هو الهدف الكبير الذي تصبو موسكو الوصول اليه عبر اطلاق حوار وطني شامل يكسر الجمود ويزيل كل المعيقات والسدود في طريق وحدة الفلسطينين .

لا اعتقد ان تلعب موسكوا لعبة الازدواجية  وتعميق الانقسام لكنها ستعلب دور قيادة الحوار الايجابي باتجاه استكمال تطبيق ما اتفق عليه الفلسطينين في القاهرة  ومن هنا ستوقف حوارات موسكو عودة حماس للجنة الادارية وتشكيل فتح حكومة سياسية. ولا اعتقد ان يكون الدور الروسي دور بديل عن الدور المصري لكنه مكمل ومسهل وخاصة ان مصر فتحت الملفات التى سيتحاور من اجلها الفلسطيين هناك ويبقى دور موسكو الدور الدافع لتطبيق  ما تم الاتفاق عليه على الارض دون تلكؤ او مماطلة , ولا اعتقد ان دورموسكو سيقف عند هذا الحد بل ستحاول موسكو تعبيد علاقة فلسطينية فلسطينية حقيقية قائمة على المصلحة العليا للشعب الفلسطيني الذي فقد عناصر صموده ومواجهته لتحديات مخيفة تهدد بتصفية قضيته العادلة واعتقد ان موسكو ستعبد علاقة فلسطينية روسية قوية قائمة على دور مساند دون ثمن ودون مقابل لتبقي موسكو القوة  التي تتدخل بايجابية وعدالة وتبقى الاكثر حكمة في الشرق الاوسط  في ظل الانحياز الامركي الكبير الذي جعل امريكا تهيمن على القرار السياسي لكثير من دول العالم العربي . 
Dr.hani_analysisi@yahoo.com