حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - لم يعد غريباً على المستوطنين وعلى مؤسسات المستعمرة الإسرائيلية، ممارسة الاعتداءات المتكررة على مقدسات ومواقع وكنائس المسيحيين العرب الفلسطينيين، وليس جديداً ما فعلوه بحق مقبرة بيت جمال التابعة لدير الرهبان السالزيان في القدس الغربية المحتلة، شمل تكسير صُلبان وشواهد قبور، وقد علق مجلس رؤساء الكنائس المسيحية في الأرض المقدسة عبر بيان قال فيه " يأتي هذا الاعتداء بعد عامين من اعتداء مشابه على ذات المقبرة، وبعد عام من اعتداء على كنيسة الدير نفسه، وفي حالتي الاعتداء السابقتين فشلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الوصول إلى المجرمين الجناة، ما يستدعي التساؤل : هل سيلقى اعتداء مساء الثلاثاء 16 تشرين الأول 2018، مثل هذا المصير وتسجيل الواقعة ضد مجهول ؟؟ " . 
وإذا كان سؤال مجلس الكنائس الفلسطينية مشروعاً لعدم تمكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من إلقاء القبض على الجناة الذين تطاولوا بالأذى والتخريب بحق الكنيسة ومقبرتها، فهل السؤال الآخر يحمل نفس مشروعية السؤال الأول حينما نسأل : هل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية متعمدة لا تريد الوصول إلى الجناة وإلى عدم كشف هوياتهم ؟؟ وهل ذلك يعود لسببين : الأول أنها متواطئة وتتطلع إلى رحيل ما تبقى من المسيحيين الفلسطينيين عن بلادهم وخاصة من أهل القدس، ليسهل وصف فلسطين على أنها الوطن القومي لليهود، ولا شأن للمسلمين والمسيحيين بها، والسبب الثاني يعود إلى عدم رغبتها في إظهار يهود متورطين بهذا العمل المشين بحق الكنائس المسيحية، ولذلك تعمل وتتعمد أن يُسجل الاعتداء ضد مجهول الهوية، بينما لو تورط به وفيه أي عربي فلسطيني ليتم التوصل له وكشف هويته بهدف تغذية خلافات أو تعارضات بين مكونات الجسم الفلسطيني ليتمكن جيش الاحتلال وأجهزته من مواصلة السيطرة على مكونات الشعب الفلسطيني وتفتيت صفوفه !! . 
وتأكيداً على منهجية عداء المؤسسة الرسمية الإسرائيلية للمسيحيين، ها هي النائب الصهيونية راحيل عزاريا ومعها ما يقارب من أربعين عضواً من أعضاء الكنيست، وبتحريض من الوزيرة إيليت شاكيد للمرة الثالثة، تعرض اليوم الأحد 21 تشرين الأول على جدول أعمال الكنيست، نفس مشروع القانون الذي سبق وأن احتجت عليه الكنائس وأغلقت كنيسة القيامة بسببه في شهر شباط من العام الجاري، ما اضطر نتنياهو لسحبه آنذاك، ويسمح القانون بمصادرة أراضي الكنائس المؤجرة لجهات إسرائيلية لمدة خمسين عاماً وانتهى عقد وفترة إيجارها الذي بدأ من خمسينيات القرن الماضي ويستوجب استعادتها للكنائس، ولكن الجهات الإسرائيلية تعمل على مصادرة هذه الأملاك والاستيلاء عليها، بحجة طول فترة الاستعمال لصالحها فتجد بمشروع قانون الاستيلاء المعد خصيصاً غطاء لوضع اليد على هذه الممتلكات الكنسية . 
لقد سبق للمجموعة البرلمانية المتطرفة المعادية للمسيحيين وكنائسهم وأملاكهم، أن عرضت مشروع قانون الاستيلاء على أملاك الكنائس في شهر حزيران الماضي للمرة الثانية، وأمام احتجاج الكنائس ورسالة تحذير قادتها لرئيس الحكومة بإعادة غلق كنيسة القيامة، سحب نتنياهو القانون، الذي سيعرض اليوم للمرة الثالثة، وهكذا يجد رؤساء الكنائس الروحية أنفسهم في حالة اشتباك قانوني وسياسي وجماهيري متواصل على قاعدة الحفاظ على مكانتهم وحقوقهم ومقدساتهم وبين حكومة وأدوات وأجهزة ومؤسسات العدو الإسرائيلي الذي يعمل على أسرلة الأرض الفلسطينية وتهويدها . 

h.faraneh@yahoo.com

* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.

عن الايام الفلسطينية