حسين شبكشي - النجاح الإخباري - البيانات هي النفط الجديد في عوالم الاقتصاد الجديد. لا شيء يبدو أهم من البيانات، فالبيانات هي السلاح والوسيلة الأهم للتمكين والتميز بشكل واضح ومختلف وفعال ومؤثر. ويقول كاي فوو لي أحد أهم الخبراء المتخصصين في مسائل البيانات، إنه إذا كانت البيانات هي النفط الجديد فبالتالي الصين هي السعودية في هذا المجال.
ويتطرق المؤلف بشكل عميق وموسع في كتابه اللافت والمهم، والذي اختار له العنوان المثير «القوى الجبارة في عالم الذكاء الصناعي»، ويرى أن هناك صراعاً خطيراً آتياً في الأفق بين القوى المختلفة في مجال الذكاء الصناعي، والمواجهة الأكبر سوف تكون بين وادي السليكون في الولايات المتحدة الأميركية والشركات العملاقة الموجودة فيه والكم المهول من التأثير العالمي الذي تحدثه هذه الشركات من أمثال «تويتر» و«فيسبوك» و«غوغل» وغيرها بطبيعة الحال.
هناك صراع على تطوير الذكاء الصناعي لتغيير كافة (نعم كافة) الصناعات والمهن والحرف التي نعرفها اليوم، فهي، كما يصفها، المنجم العظيم القديم للمال والثراء، ولكن هناك عواقب اجتماعية واقتصادية لا يمكن الاستهانة بها حسب وصفه. فالإنسان الآلي قادم وبأشكال مختلفة، وسيحل مكان الآلاف من البشر في تقديم المهن والحرف التي يؤديها الإنسان بشكل أقل تكلفة وثمناً وبفعالية أعلى بكثير. ولكن هذا يعني أن هناك تكاليف اجتماعية باهظة آتية لا محالة؛ بطالة متزايدة وضغوط معها على الدول وانتشار الجرائم الاجتماعية... إنجازات تقنية في مواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية استثنائية وبامتياز.
هناك مدارس مختلفة للتعامل مع الذكاء الصناعي، فبينما يرى مارك زوكربيرغ مؤسس موقع «فيسبوك» الشهير أن الذكاء الصناعي يجب أن يترك حراً بلا أي تدخل أبداً، وهناك رأي آخر يقوده ألون ماسك مؤسس شركة «تسلا» للسيارات والطاقة الكهربائية، والذي يقول فيه وبشدة إن الذكاء الصناعي يجب وضع حد له، وسقفه هو مصلحة البشر، متى ما تخطى ذلك الحاجز بات من الواجب أن تتم محاربته وبقوة. في ظل إعادة الهيكلة الشاملة للاقتصاد التقليدي، وهيمنة الاقتصاد الرقمي الجديد عليه، ستخرج كثير من الأسئلة الجريئة والمثيرة، وهي كلها لها علاقة بالدخول في مناطق غير مسبوقة ومحيرة.
ذكرني ذلك بحوار استمعت إليه بين اثنين من كبار المحامين في نيويورك كنت معهما على عشاء عمل وهما مختصان بالقانون التجاري والاحتكار، قال الأول للثاني: «أمازون» شركة محتكرة، رد الثاني: الاحتكار يتطلب تعريف السوق التي يجري فيها الاحتكار. هل من الممكن أن تعرف لي في حالة «أمازون»... ما هي السوق التي تحتكرها «أمازون». لم يستطع المحامي الآخر الإجابة. هذه هي النوعية المقصودة من الأسئلة المثيرة والجديدة التي سيفرضها الواقع الجديد للاقتصاد الرقمي والذكاء الصناعي، والعالم ليس مستعداً لها.
الكاتب هو اعلاميّ ورجل اعمال سعوديّ وعضو مجلس ادارة شركة شبكشي للتّنميّة والتّجارة وعضو مجلس ادارة مؤسّسة عُكاظ للصّحافة والنّشر
المقال نقلاً عن صحيفة الشرق الاوسط