راسم عبيدات - النجاح الإخباري - قلنا بأن الإحتلال من بعد خسارة معركة البوابات الإلكترونية في تموز/2017 لن يسلّم بهزيمته ولن يتخلى عن مشروعه متعدد المراحل تجاه المسجد الأقصى فمن بعد نجاحه في فرض التقسيم الزماني ...كان يجري عمليات جس نبض ويتقدم خطوات على طريق تطويع العقل المقدسي والفلسطيني والعربي والإسلامي لقبول التقسيم المكاني مستفيداً من الظرف السياسي الذي وفرته الإدارة الأمريكية المشتركة معهم في العدوان المباشر على شعبنا من خلال نقل سفارتها من تل أبيب الى القدس والإعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الإحتلال، وكذلك ضعف الحالة الفلسطيني وإنشطارها وإنقسامها والتهائها في المناكفات والتحريض الداخلي، وانهيار الحالة العربية بشكل غير مسبوق، بتعفن النظام الرسمي العربي والتهائه بمشاكله القطرية والصراعات المذهبية والطائفية ...كلها عوامل وفرت للإحتلال ظروفاً للتقدم في مشروع التقسيم المكاني للمسجد الأقصى بمحاولة حسم الهوية للقسم الشرقي من المسجد الأقصى باب الرحمة ومقبرة باب الرحمة.
ولذلك كانت الإقتحامات الواسعة والكبيرة في ذكرى ما يسمى بخراب الهيكل (1336) مستوطن، وما أعقبها من اغلاق مؤقت للمسجد الأقصى، ومن ثم الإعلان يوم الإثنين 23/7/2018 سقوط احد الحجارة الضخمة لحائط البراق، وفي تلك المنطقة التي سقط فيها تجري حفريات أسفل المتحف الإسلامي، وفي هذا المكان يوجد نفق اسمه " الحشمونائيم"، وجنوباً يستمر هذا النفق حتى سلوان، واسمه "الهردياني".
والشيء الغريب والخطر جداً، هو أن يقوم الاحتلال بنفسه بتصوير الفلم لسقوط الحجر، وتعمد عرضه على وسائل الإعلام"، والخطورة هنا تكمن في أن ما حصل يعتبره الاحتلال مبرراً له لينقض على سور الأقصى، بحجة أنه يتساقط، ويجب ترميمه".
ونحن نرى بأنه بإذاعة الإسرائيليين لهذا الخبر على شكل فيديو، إنما يحملون سوء نوايا للأقصى، ويريدون أن يضعوا يدهم علناً عليه، تحت مبرر تدعيم السور من الداخل كما هو من الخارج.
وقبل التطرق الى ما جرى يوم الجمعة الماضي في القدس والمسجد الأقصى، علينا القول بأن الإستهداف للمسجد الأقصى بالتقسيم المكاني وهدم المسجد القبلي وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم مكانه، ليس بالجديد، بل ونحن في الذكرى التاسعة والثمانون لثورة البراق، والتي حدثت نتيجة محاولة الصهاينة إقتطاع حائط البراق واتخاذه مكاناً لصلواتهم، وعلى الرغم من أن اللجنة الدولية التي شكلتها عصبة الأمم المتحدة على ضوء ذلك، قالت بشكل واضح بأن حائط البراق جزء من المسجد الأقصى، وهو يخص المسلمون وحدهم، وهو وقف إسلامي لا يحق لليهود الصلاة فيه، إلا ان الاحتلال استمر في مخططاته الرامية للسيطرة على تلك المنطقة، حيث بعد الاحتلال الصهيوني لما تبقى من فلسطين في حرب حزيران 1967، عمد الإحتلال الى هدم حارة الشرفة وتوسيع ساحة حائط البراق واتخاذها مكاناً للصلوات التلمودية والتوراتية، ومنصة نحو التقدم في التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، ولهذا الغرض استولى الاحتلال على مفاتيح باب المغاربة، ومن بعد ذلك كان التطور اللافت للتقدم بشكل كبير نحو التقسيم المكاني والهدم للأقصى، ونحن في الذكرى التاسعة والأربعين لحرق المسجد الأقصى، حيث اقدم الصهيوني الإسترالي " روهان" على حرق المسجد الأقصى، والتي طالت السنتها منبر صلاح الدين التاريخي، وردة الفعل القوية من أهل القدس وجماهير شعبنا الفلسطيني التي هبت باجسادها العارية لتدافع عن الأقصى، مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقبلة المسلمين الأولى، وأحد ثلاثة مساجد يشد الرحال إليها، ورمز عروبية وإسلامية الأقصى والقدس، حالت دون تقدم المشروع الصهيوني خطوة الى الأمام، علماً بعد الجريمة مباشرة، قالت رئيسة وزراء الاحتلال آنذاك "غولدا مائير" بأن عينيها لم تعرفا طعم النوم خوفاً على وجود إسرائيل، خوفاً من هجوم عربي- إسلامي لتحرير القدس والأقصى، ولكن بعد ردة الفعل التي لم تخرج عن ان العرب والمسلمين مجرد ظاهرة صوتية ، قالت الان نستطيع ان نعمل في الأقصى ما نريد دون خوف وتردد.
إعتقد المحتل بأن العملية التي نفذها ثلاثة شبان فلسطينيون من بلدة أم الفحم في تموز 2017، بالقرب من أحد أبواب المسجد الأقصى، ستشكل له الذريعة والحجة لتمرير مشروعه بالتقسيم المكاني والهدم للأقصى، حيث لجأ الى اغلاق المسجد الأقصى، ووضع بوابات الكترونية على مداخله، ونصب كاميرات ذكية، ورفض دخول المصلين للمسجد الأقصى إلا عبر تلك البوابات، ولتندلع بعد ذلك هبة باب الإسباط، أربعة عشر يوماً والمقدسيون وأهلنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني – 48 – يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ويحولون سجاجيد صلواتهم الى سجاجيد مقاومة بالصلاة على بوابات المسجد الأقصى وفي الشوارع وساحات القدس، ولتنتصر إرادتهم على سطوة الجلاد وهمجيته وعنجهيته، ويتم إزالة البوابات الإلكترونية عن بوابات المسجد الأقصى.
المحتل خلال أقل من شهر لجأ الى إغلاق المسجد الأقصى مرتين 22/7/2018 ، والمسيرات الكبرى الإستفزازية التي قامت بها الجماعات التلمودية والتوراتية وزعران المستوطنين في ذكرى ما يسمى بخراب الهيكل في أزقة وشوارع البلدة القديمة من القدس، وعمليات الإقتحام الواسعة للأقصى والإعتداء على المصلين والمواطنين في المسجد الأقصى وعلى أبوابه وفي أسواق القدس، وما أعقب ذلك من اغلاق مؤقت لبوابات الأقصى بحجة مضايقة المستوطنين والجماعات التلمودية والتوراتية ومنعها من أداء طقوسها التلمودية والتوراتية في ساحات المسجد الأقصى، ويوم الجمعة الماضي في ظل ما جرى في باب المجلس من قيام قوات الإحتلال وشرطته بإعدام المواطن الفلسطيني احمد محاميد من أم الفحم بشبهة محاولة الطعن فالمتوقع ان تتصاعد الهجمة على المسجد الأقصى، حيث جرى طرد المصلين منه واغلاق بواباته.
ومع اقتراب أعياد رأس السنة العبرية وما يسمى بعيد العرش اليهودي ....فإن الإقتحامات للمسجد الأقصى ستبلغ ذروتها في العاشر والحادي عشر من أيلول والرابع والخامس والعشرين منه، وسيسعى المحتل الى فرض التقسيم المكاني كأمر واقع والسيطرة على باب الرحمة ومقبرة باب الرحمة التي حول جزء منها بعد السيطرة عليه الى حديقة تلمودية توراتية ومسار تلمودي ... والمحتل في سعيه للسيطرة على القسم الشرقي من المسجد الأقصى سيحاول الباس الصراع الثوب الديني...وعنوان المعركة القادم سيكون على هوية باب الرحمة.
فهل تكون عملية إعدام وتصفية الشاب الفلسطيني مقدمة لتلك المعركة وعنوان لهبة شعبية أخرى شبيهة بهبة باب الإسباط ...؟؟؟، هذا ما ستجيب عنه التطورات القادمة، وما يقوم به المحتل من إجراءات وممارسات تهويدية بحق الأقصى.
عن القدس الفلسطينية