نعيم حمودة شقير - النجاح الإخباري - كان ياما كان في بلدتي الريفية طرقات ذات حدود حجرية تصطف كالمقاعد يتوسطها حجر جميل مرسوم عليه بعض الخطوط يتناولون أطراف الحديث نعم انهم كبار القوم؛ واي حديث انه حديث كل شيء كل الاخبار وينتهي النقاش عندما ينطق احدهم في حسم اي موضوع انه حكي طوابين فيعم الصمت ... واذا تمرد احدهم بالحديث يصيح اكبرهم انه كلام نسوان فيعود الصمت الذي حسم النقاش وينتهي الموضوع.

ويستمر الهرج والمرج داخل الطوابين التي تنتشر في كل الأحياء صاحبة الطابون هي ضابط المكان تستضيف نسوة الحي يفترشن الرماد وبعض الحجارة ؛  ويبدأ الكلام بدون استأذان مواضيع ما تشتهي الأُذن ان تسمع،سياسية، دينية، اجتماعية .... الخ

وكل امرأة تُفتي في قولها نعم تفتي فمن اعرفُ منها بما تقول فهي صاحبةُ القصةِ تقول فَتُصْدّق وَتًسمعُ فَتُصّدِقَ فهذا هو نهجُهن الكل يُفتيّ بما يشاء والكل مُطالب ان يُصَدق بكل ما جاء  ؛ جُهد جَهيد يُبذل في تناول أخبار الاهل والبلدة وحتى اخبار العالم في حينها طار الرماد بدون معرفة المصير ... وكل قول ينتهي عند كلمة الفصل {{حكي طوابين}}.

اليوم يعود الينا الرماد ويعود ليلوث العيون بعد ان اندثرت جلسات الطوابين السكنية ؛  عادت الينا الطوابين الفيس بوكية.

 كانت طوابين الأحياء تملأ البلدة يتناولن النسوة الأحاديث ويخلطن الطين بالعجين وينتهي الامر {{حكي طوابين }}.

في يومنا لا نَعرف من جاء بالعجين ولا نعرف من خلطه بالطين فأصبح كل شيطان رجيم يعتلي منصة الطابون وسفهاء القوم يلتفون من خلف شاشاتٍ بالكاد أحرفها يقرأون.

فأنتشرت طوابين الفيسبوكية وغيرها واحتار اهل الجود فيها يلملمون بعض احرفهم ولا يستطيعون،  فإنتشرت طوابين السفه لا متسع لاهل العلم فيها ولا لأهل الفصل؛ فَساد الجهل من خلف الشاشات وَروِجَ لكلام الجهل فظهرَ رويبضةُ الزمان يتحدثون بكل شيء بكلام يحسبة الظمأن ماء حتى تقترب فيبان السراب.

لقد عمت طوابين العصر في كل مكان من جروبات ومواقع؛  تروج الفتن وتزعزع تماسك المجتمع وتخلط بين الحق والباطل وتساوي بين الجهل والعلم وتتفني بشعارات النبل والقيم ... مجموعات تتجمع على فرقة الناس وغرس الاحباط والانكسار والانهزام بينهم.
لم تعد الينا طوابين الرماد والسكن بل جائت الينا طوابين المذلة والفتن.
يا ليتها تعود طوابين الرماد والسكن نشتهي منها رغيف صادق الطعم شهي المنظر .
يا ليتها تختفي طوابين العصر بما أفسدت وبما أنجبت.