هاني حبيب - النجاح الإخباري - من المقرر أن يبحث اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، اليوم الأحد، منح قطاع غزة «تسهيلات أخرى» وكأن هناك تسهيلات حقيقية يتوجب إضافة تسهيلات أخرى لها، وعلى العموم، فإن مناقشة هذه المسألة، كعنوان أساسي على أجندة المجلس الوزاري المصغر، وهو المعني بنقاش القضايا الكبرى والمصيرية بالنسبة للدولة العبرية، ان هذه المسألة قد قطعت شوطاً كبيراً، من خلال عدة أطراف، نشطت موحدة أو متفرقة لوضع خطة «إنقاذ غزة» موضع التنفيذ، ولا يبدو أن هناك توافقاً إسرائيلياً داخلياً حول هذه الخطة، إذ يعتبر وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أحد أهم المعارضين لها، إذ أنه يرى أن لا فائدة من إعادة إعمار قطاع غزة، ولا تقديم تسهيلات للمواطنين هناك لأن ذلك، كما يعتقد، لن يوقف المسّ بإسرائيل، مع ذلك يقول المقربون من ليبرمان، إنه لن يعارض في نهاية الأمر مثل هذه الخطة، كما يقال وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، انه يثق بما يتقدم به مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف من خطط لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، علماً أنه ـ ليبرمان ـ يرى أن القول إن تسهيلات إلى قطاع غزة من شأنها ألا تفجر الوضع الأمني في إسرائيل، هو رهان خاطئ تماماً وعلى إسرائيل أن تقدم مثل هذه التسهيلات لأسباب إنسانية فقط، وحتى لا تبدو إسرائيل وكأنها تخشى المقاومة الفلسطينية أو خضعت لاستهدافات مسيرة العودة، وكان رد ليبرمان قاطعاً على تصريحات هيئة الأركان حول الحاجة إلى خطوة سياسية ـ اقتصادية تساعد على التغلب على الأزمة الأمنية «الفترة الحالية هي الأكثر مناسبة للتوصل إلى تسوية مع (حماس) بهدف منع التصعيد المتواصل ومزيد من الجولات القتالية» مثلما جاء في أحد تصريحات هيئة الأركان التي أغضبت ـ حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية ـ ليبرمان الذي قال إنه كان يتوجب التنسيق معه بهذا الشأن، ويبدو ليبرمان وحيداً في هذا الموقف، خاصة بعدما عارض وزير المالية الإسرائيلية كحلون قراره بالتعويض عن سكان غلاف غزة التي أحرقت مزروعاتهم من أموال المقاصة الفلسطينية.
وفي الأيام الأخيرة، تم نشر العديد من الخطط المتعلقة «بإنقاذ غزة» بعضها لإنقاذ سريع وأولي تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة والأردن، وبحيث لا يكون لا لـ»حماس» في قطاع غزة، ولا للسلطة في رام الله أي دور في تنفيذ هذه الخطة التي تعتمد أساساً على ضخ المزيد من الأموال النقدية إلى قطاع غزة، وهي الخطة التي وضعها بشكل أساسي المبعوث الرئاسي الأميركي جيسون غرينبلات، ويقول محرر الشؤون الفلسطينية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن الدوائر الأمنية والسياسية على أعلى المستويات في إسرائيل قد أعطت الضوء الأخضر للتنفيذ الفوري، ويضيف جاكي خوجي أن التجارب الإسرائيلية السابقة بهذا الشأن أثبتت نجاحها في إيصال المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين، عندما قامت بتصوير سير مواد البناء لإعمار قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة على القطاع، خاصة وأن الأمم المتحدة تلعب دوراً رئيساً في عملية المراقبة لضمان نجاح الأمر!
ويعترف جاكي خوجي، أنه مر على الإسرائيليين عقد كامل وهم يراقبون الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، دون أن يحركوا ساكناً، لكن وبعد مسيرة العودة، بدأت إسرائيل بالبحث عن حلول، وهذا اعتراف خاطئ تماماً، وذلك أن الحديث الإسرائيلي حول إنقاذ غزة، استمر وتواصل طوال السنوات القليلة الماضية، وتقدمت وعرضت عدة خطط تتعلق بموانئ وجزر ومشاريع كهرباء ومناطق صناعية، قبل وقت طويل من «مسيرة العودة» وتمخضت هذه الخطط بالتعاون مع منتديات سياسية واقتصادية على النطاق الدولي والعربي، عن فحوى ما يتم تداوله هذه الأيام، وربما سارعت «مسيرة العودة» فعلاً إلى ضرورة إنضاج هذه الخطط، لكنها لم تكن الدافع الأساسي من خلفها، علماً أن مؤتمر واشنطن حول «إنقاذ غزة» سبق انطلاق مسيرة العودة بأسابيع، وهو المؤتمر الذي شكل ولا يزال، كما نعتقد، حجر الأساس في مختلف الخطط المتداولة بهذا الشأن، خاصة أنه يولي أهمية جوهرية لمشاركة عربية رسمية في هذه الخطط.
وإذ تقول إدارة ترامب، إنها قد تتقدم بعرض خطتها حول ما بات يسمى 
«صفقة القرن» بعد عيد الفطر، فإننا نعتقد أن جوهر هذا العرض سيتمحور حول قطاع غزة تحديداً، في إطار فصله عن الخطة السياسية الأساسية، لصالح تحقيق هدف أساسي من وراء هذه الصفقة، والذي يتلخص في تحويل الانقسام الفلسطيني إلى انفصال، يأخذ أبعاده السياسية، بعدما اتخذ أبعاده الواقعية على الأرض.
إن الحديث عن أن مسيرة العودة، ناجمة عن الأزمة الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة، وتهدف إلى فك الحصار عنه، يخدم رؤية ليبرمان في أن التسهيلات ذات «طابع إنساني» وهو قول ينفي عن هذه المسيرة دوافعها الوطنية المتعلقة بترجمة حق العودة، وبعبارة أوضح، فإن التسهيلات والخطط لإنقاذ قطاع غزة، ليست ثمناً أو مقابلاً لوقف الحراك الوطني الفلسطيني لتحقيق الأهداف المتعلقة بإزالة الاحتلال من خلال مقاومته بكافة أشكال النضال، ولا بدّ من إعادة الاعتبار إلى أن هذه التسهيلات هي حقوق وفقاً للقانون الدولي، على دولة الاحتلال الالتزام بها، وليست منحة وتسهيلاً وتبرعاً من قبلها!

Hanihabib272@hotmail.com

نقلا عن صحيفة الأيام