هاني حبيب - النجاح الإخباري - قبل أن يقوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتنفيذ تهديداته برد عسكري قوي ضد سورية بدعوى قيامها باستخدام أسلحتها الكيماوية في «دوما» بريف دمشق، قبل ذلك، قامت إسرائيل وعلى عجل بهجومها الجوي على قاعدة «تي ـ 4» في حمص بواسطة طائرتين من طراز F.15  عبر الأجواء اللبنانية، وفي حين أن إسرائيل كانت قد هاجمت الأراضي السورية لأكثر من مائة مرة خلال العام الماضي، فإن استهدافات هذه الهجمات كانت تنحصر أساساً على ما قيل إنها قواعد للإيرانيين، حيث تدّعي إسرائيل أن هذه القواعد تقوم بتخزين مختلف أنواع الصواريخ وقطع الغيار وتقوم بإرسالها إلى حزب الله في  لبنان، وحسب ياكوف كيدمي، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية «ناتيف» فإن إسرائيل لم تتعمّد خلال هذه الهجمات استهداف الجيش السوري أو المستشارين الإيرانيين أو قوات حزب الله في سورية، وحسب زعمه فإن ذلك يعود إلى تفاهمات روسية ـ إسرائيلية تمت قبل عامين ونصف، للتنسيق بين الجانبين لتجنب الخلاف المحتمل، حيث أدت هذه التفاهمات إلى إبلاغ إسرائيل للجانب الروسي قبل أي هجمة على الأراضي السورية.
الضربة الإسرائيلية الجوية الأخيرة على قاعدة «تي ـ 4» السورية، تشكل ضربة في الصميم للتفاهمات بين نتنياهو وبوتين على الأراضي السورية، وللمرة الأولى، تعلن موسكو أن مهاجمة هذه القاعدة تم من خلال غارات جوية إسرائيلية، في الماضي، لم تكن موسكو لتسارع الى تحميل إسرائيل مسؤولية مثل هذه الهجمات قبل إعلان إسرائيل نفسها عن قيامها بها، وفي حين أن موسكو كانت تلتزم الصمت في الغالب، إزاء الضربات الجوية الإسرائيلية للأراضي السورية في السابق، إلاّ أنها هذه المرة، أشارت موسكو، وبسرعة إلى أن ذلك يشكل تطوراً خطيراً» كما صرح وزير الخارجية الروسي لافروف، في حين أشار المتحدث باسم الكرملين وللمرة الأولى أن هناك مصابين روسا جرّاء هذه الهجمة الأخيرة.
وعوضاً عن إبلاغ موسكو بنيّة قيام إسرائيل بضرب قاعدة «تي ـ 4»، وفقاً للتفاهمات المشار إليها، فإن الدولة العبرية كانت قد أبلغت البيت الأبيض بذلك، وهذا متغير بالغ الأهمية، إذ أن من شأنه أن يضع التفاهمات الإسرائيلية ـ الروسية حول التنسيق على الأراضي السورية، في موضع الالتقاء من الناحية العملية، وهو عامل يضاف إلى أن الضربة الإسرائيلية، تمت على قاعدة تشارك بها قوات إيرانية وروسية، إضافة إلى القوات النظامية السورية، وهو ما يحدث للمرة الأولى حسب المصادر الإعلامية الإسرائيلية نقلاً عن المستويات الأمنية.
عاموس يادلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقاً، قال لموقع «يديعوت أحرونوت» إن عملية الإغارة على «تي ـ 4» تهدف إلى استراتيجيتين متوازيتين: أولاً، كبح جماح الإيرانيين في بناء قواعد عسكرية لهم على الأراضي السورية من ناحية، وثانياً، يتعلق برؤية «إسرائيل الأخلاقية» إذ أنها لن تقف مكتوفة الأيدي لاستخدام سورية السلاح الكيماوي، لكن أهم ما قاله يادلين في هذا السياق، هو تفسيره لحقيقة اقدام إسرائيل على ضرب القاعدة، إذ يقول مشيراً إلى إنجازات الجيش السوري في الغوطة شرق دمشق، أن ذلك سيدفع الأسد للتوجه نحو درعا التي هي تتاخم الحدود مع إسرائيل، وعلى الدولة العبرية عدم السماح بذلك، وتفسير يادلين هذا يرتبط مع توازي الاتهامات بقيام الجيش السوري باستخدام السلاح الكيماوي، زمنياً مع كل تحقيق لإنجازاته على الأرض وتحرير مواقع واسعة من سيطرة الارهاب، ويمكن ملاحظة هذه الاتهامات، بالارتباط مع مؤشرات على تنامي قدرة الجيش السوري على تحرير المزيد من الأراضي التي كانت تسيطر عليها الفصائل الارهابية، و»دوما» مثال أخير، لكنه ليس الأول!
وفي هذا السياق، تدّعي الدولة العبرية، كما جاء في وسائلها الإعلامية، أن القمة الروسية ـ التركية ـ الإيرانية التي عقدت في أنقرة قبل أيام، منحت إيران ضوءاً أخضر للتمركز في سورية والتمدد إلى الحدود مع الدولة العبرية، هذا في الوقت الذي تتحدث التصريحات الأميركية، من قبل الرئاسة ومن قبل وزارة الخارجية والأمن القومي، المتضاربة والغامضة، عن إمكانية انسحاب أميركي محتمل من الأراضي السورية، وهو احتمال يتلاشى على أية حال على المستوى الزمني المنظور، الأمر الذي يدفع باسرائيل إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لمزيد من التورط المباشر في المسألة السورية، على خلفية الموقف من إيران تحديداً، بعد أن ظل تورطها موضع شكوك من خلال دعمها لقوى الثورة المضادة وقوى الارهاب على الأراضي السورية!

Hanihabib272@hotmail.com