دلال عريقات - النجاح الإخباري - انتشرت خلال الأسابيع القليلة الماضية الكثير من الإشاعات أو التسريبات الخاصة بتفاصيل صفقة القرن التي يعمل ترامب عليها منذ عام.
في الحقيقة، لا شيء نهائي أو مُثبت بخصوص الصفقة ومن الغريب أن البعض يتناولونها وكأن بنودها بين أيديهم. أكرر، في الواقع لا بنود واضحة حتى الآن وعلى ما يبدو أن لا أحد يملك معلومات دقيقة ونهائية حتى وزراء خارجية الدول الأوروبية والمبعوثين الخاصين لعملية السلام سواء في أوروبا أو في اليابان، فالكل يتسائل عن التفاصيل ولا يخفي عدم معرفته بها. تحدث الطرف الأمريكي عن تقديم أو عرض الصفقة على الجهات المعنية في الربيع حسب تعبير الدبلوماسيين الأمريكان ونتوقع أن يتم نشر تفاصيل هذه الإملاءات الأمريكية لصالح الإسرائيليين تزامناً مع نقل السفارة في ١٤ آيار القادم، وَمِمَّا أُثير من إشاعات وتأويلات أن الإعلان سيأتي ضمن مؤتمر دولي للسلام وتكون دولة عربية تربطها اتفاقية سلام مع إسرائيل مكاناً لانعقاد المؤتمر ليتسنى للطرف الإسرائيلي المشاركة. تتضمن الإشاعات أيضاً معلومات عن استعداد الولايات المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح مع إمكانية أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين ما دامت القدس القديمة تحت المسؤولية الدولية! نستبعد جداً هذه الإشاعات بخصوص القدس لأن الموقف الأمريكي جاء واضحاً بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإسقاط القدس عن طاولة المفاوضات، فلماذا تتراجع أمريكا بعد كل التصريحات والتغريدات؟ بخصوص اللاجئين، تتحدث الإشاعات عن توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم مع تعويضات مادية وبالتالي إلغاء القرار ١٩٤ وحق العودة إلى الأبد وهذا يبدو سيناريو متوقع خاصة بعد سياسات ترامب تجاه الأنروا. إذاً ستحتفظ إسرائيل بالسيطرة العسكريّة، وتبقى المستوطنات الكبرى على ما هي عليه باستثناء بعض البؤر الصغيرة التي ممكن أن يتم تبادلها والفلسطينيون سيتمتعون بسلطات إدارية وأمنية أكبر وستحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية في المناطق الفلسطينيّة.
الْيَوْم، الكل بانتظار الصفقة، ولكن الحقيقة التي نود تقديمها أن تفاصيل الصفقة أياً كانت، لا تهم، فلقد اسقط ترامب ملف القدس وملف الاستيطان وأفضل ما سيتم تقديمه لن يلبي مطالب أو حقوق شعبنا، لذلك بدلاً من الانتظار حتى يتم عرض الصفقة التي لن تُعجبنا بغض النظر عّن تفاصيلها، علينا العمل على المستوى الدّاخلي، يجب أن يحصل تغيير سياسي لمحاولة إدخال نوع من الإيجابية على الجو العام. لقد جاء الموقف الرسمي الفلسطيني تجاه الإشاعات واضحاً برفض الصفقة والإملاءات ورفض التعامل مع الطرف الأمريكي كراعٍ حصريٍ لعملية السلام ولكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن انتخابات مثلاً أو إتمام المصالحة على سبيل المثال لادخال شيء من الإيجابية. على المستوى الشعبي، هناك إحباط عام وهناك الكثير من السلبية لدرجة التخوين وهناك من يطالب بمراجعة الإستراتيجيّات ولعن للمفاوضات، أو إعادة تفعيل المقاومة المسلحة وهناك من يطالب بتغيير القيادة ودمج الشباب، كل هذه المطالبات والمشاعر السلبية طبيعية في زمن الإنهيارات ولكن يبقى السؤال: كيف نخلق التغيير ؟ كيف نبتكر حلولاً خلاقة للتغيير؟
نقترح الْيَوْم أن تدعم القيادة وفوراً فكرة تشكيل تيار أو مجلس شبابي مستقل متخصص غير منتمي سياسياً هدفه التغيير الإيجابي، يكون شعاره العيش بحرية وكرامة وتدعمه كل التيارات من فتح إلى حماس، تتكاتف الجهود وتلتف الطاقات وراء هذا المجلس الذي يطالب بدولة ديمقراطية واحدة وحقوق متساوية حتى نحقق تغييراً عملياً من خلال اتخاذ خطوة استراتيجية الآن تتمثل بالاعلان عن استراتيجية جديدة وتيار شبابي ووجوه جديدة تقود الشارع في هذه المرحلة السلبية والحرجة نحو خيار الدولة الواحدة قبل آيار.
المهم أن نقدم بديلاً بدلاً من اللعن والانتظار !