أشرف صالح - النجاح الإخباري - في مجلس الأمن هاجمت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية "نيكي هايلي" الرئيس الفلسطيني أبو مازن، معربة عن أسفها لمغادرته القاعة قبل الإستماع لكلمتها.
وقالت"نيكي هايلي" أيها الرئيس إغضب كما شئت فإن قرار الإدارة الأمريكية بشأن القدس لن يتغير. مضيفة أن قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لن يتبدل سواء أحببته أو كرهته.
وهذا مؤشر خطير ودليل واضح على غرور الولايات المتحدة التي تعيش عالة على نفوذ اللوب اليهودي . فيجب أن يصب غضب الرئيس في إتجاه الأفعال وليس الأقوال فقط لكسر غرور الولايات المتحدة.
بالأمس كان السيد الرئيس "أبو مازن" رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئسي اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس دولة فلسطين كان غاضبا في خطابه الناري في مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة . كان غاضبا أمام أعلى هيئة قيادية على مستوى العالم . ولكن الغضب كان متبادلا عندما غضبوا عليه مندوبي إسرائيل والولايات المتحدة في مجلس الأمن وهما "داني دانون ونيكي هايلي" والذي بدورهما وصفوه بالتحريض على الإرهاب والتهرب من عملية السلام . ووصف مندوب اسرائيل داني دانون تصرف عباس بالمتهور والمؤسف . ووصف أيضا أهالي الشهداء والأسرى والجرحي بالإرهابيين مبيننا أنهم يتقاضون راتبا من الرئيس . ومن ثم قيم داني دانون محاولات كامب ديفيد للسلام عام 2000 بالفرصة التاريخية التي لا تعوض والتي رفضها الرئيس أبو مازن دعما لموقف "ياسر عرفات".
وفي محاولة من مندوب إسرائيل لقلب الحقائق أراد أن ينشر في قاعة مجلس الأمن بأن كمب ديفيد كانت فرصة تاريخية للفلسطينيين ولكنهم رفضوها وإختاروا الإرهاب ضد إسرائيل على حد تعبيره.
وما كشف أيضا عن صراحة إسرائيل أنه قال أن القدس عاصمتنا منذ زمن الملك داوود ولن نقبل بالتجزيئ.
هاذا كان إستعراضا لحالة الغضب المتبادلة التي سادت المشهد في مجلس الأمن . وكان دليلا واضحا على إنهم غاضبون منا سواء غضبنا أو لم نغضب.
كان غضب الرئيس أبو مازن معبرا عن موقفه الرافض لسلوك إسرائيل والولايات المتحدة وهذا جيد . ولكن عندما يصب هذا الغضب في إتجاه واحد وهو البحث عن السلام وتكرار الحديث عن السلام فهذا ليس جيد . لأن الحديث المتكرر عن السلام والبحث المستمر عنه هو شهادة ضعف أمام الجميع وخاصة أنها في مكان لا يحترم الضعفاء . فكان يجب على الرئيس أن يخشن من صوته ويحد من لهجته وأن يستخدم أوراق الضغط التي ممكن أن تؤثر إيجابا في مجلس الأمن.
من المؤكد أن الرئيس يعلم جيدا أن مجلس الأمن مكون من دول كانت في الأصل تشكل خطرا على الأمن في العالم . وكان لهم باع في الحروب وإحتلال الدول الضعيفة وسلب خيراتها . أمريكيا وفرنسا وروسيا وبريطانيا . حدث ولا حرج فكان العالم يصرخ تحت ضرباتهم ولا زال يصرخ.
كيف لهؤلاء أن يكونوا مرجعية لقضية عادلة كالقضية الفلسطينية . فكم من قرار صدر من هيئة الأمم ومجلس الأمن ضربت به إسرائيل عرض الحائط . وأعتقد أن السبب واضح وهو أن رأس الهرم في مجلس الأمن وهي الدول التي لا زالت تعيش تحت نفوذ اللوبي اليهودي في العالم.
يا سيادة الرئيس "أبو مازن" عليك أن تغضب بالإتجاه الحقيقي للغضب وهو البحث عن أوراق الضغط والأسلحة المناسبة لمعركة الهوية الفلسطينية . والبحث عن لوبي عربي للمواجهة أذناب اللوبي اليهودي في العالم.
ويجب أن تعلم جيدا يا سيادة الرئيس أن أدوات الغضب كثيرة . وأن الخيارات متاحة للجميع . فلا يكفي أن تغادر قاعة مجلس الأمن لإهانة مندوبي إسرائيل والولايات المتحدة فيجب أن تغادر الحديث المتكرر عن السلام المجهول . جيد أن نؤمن بالسلام العادل ولكن بشرط أن يكون هناك سلام فعلا . ولكن في عدم وجود سلام حينها يكون الحديث عن السلام هو شهادة ضعف من المتحدث وهذا حسب ما يراه الخصم.
أعتقد أن ما حدث بالأمس في مجلس الأمن هو رسالة واضحة للجميع وهي أن تزداد الأمور سوء بين الطرفين . وقد علمت الولايات المتحدة من خلال خطاب الرئيس أنه بات قريبا أن يجد حاضنة للقضية الفلسطينية بدلا من الولايات المتحدة . والمرشح الأول لإحتضان القضية هي روسيا كونها المنافس القوي للولايات المتحدة على الساحة.