عيسى قراقع - النجاح الإخباري - في تقرير سري لوزارة الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية كشفته القناة الثانية العبرية يوم 4/2/2018 يصف طفلة فلسطينية من قرية النبي صالح وهي جنى جهاد التميمي 11 عاما بالخطر القادم على اسرائيل، محذرا التقرير بأنها ستكون عهد التميمي القادمة، وأن تهديد الطفلة لدولة الاحتلال يكمن في انها تتحدث الانجليزية بطلاقة وذات مظهر أوروبي وتوثق فعاليات المقاومة الشعبية ضد الاحتلال وتعتبر نفسها أصغر صحفية في العالم.
جنى التميمي المتواجدة في ساحات المواجهة اليومية، ترى بأم عينها عربدات الجنود والمستوطنين وعمليات الاعتداء والقتل ونهب الأراضي وبناء الجدران، وتطلق من على مواقع التواصل الاجتماعي الصور والمشاهد والتقارير التي تكشف الحقائق للعالم، وتبرز الى اي مدى تحولت اسرائيل كدولة محتلة الى وحش منفلت يعربد ويتسلط دون رادع او وازع انساني وقانوني واخلاقي.
أمام هذا الخطر الذي يشكله الاطفال الصغار المتمردين الغاضبين الباحثين عن مساحة نقية هادئة للحياة بلا خوف وموت واعتقال، تقوم دولة الاحتلال بحملات اعتقال واسعة في صفوف القاصرين، تكسّر اياديهم التي تكتب او توثق او ترشق حجرا، تزجهم في السجون والزنازين ، تعتدي عليهم بوحشية منذ لحظة اعتقالهم، تدمر الطفولة المتأهبة في عيونهم والروح المشتعلة في نفوسهم.
لأن أطفال فلسطين أصبحوا يشكلون خطرا استراتيجيا على دولة الاحتلال فمصيرهم الاعتقالات الجماعية او القتل او الاعدام بإطلاق الرصاص الحيّ عليهم، لهذا اعتقلوا الطفلة عهد التميمي واعدموا القاصر ليث ابو نعيم 16 سنة في قرية المغير ومن مسافة صفر بإطلاق الرصاص بشكل مباشر على رأسه.
لأن أطفال فلسطين اصبحوا يشكلون خطرا استراتيجيا على دولة الاحتلال فيجب اطفاء جذوتهم وقطع دابرهم، وها نحن نرى كتيبة مسلحة من جنود الاحتلال تعتقل الطفل فوزي الجنيدي 16 سنة وها نحن نرى كتيبة مسلحة تنقض على الطفل عبد الرؤوف البلعاوي 14 سنة ، وكتيبة مدججة بالبنادق تعتقل الطفل محمد حج محمد 15 سنة بعد أصابته بالرصاص في قدميه، فمن ينجو من الموت لا ينجو من الاعتقال والاصابات.
لأن أطفال فلسطين اصبحوا يشكلون خطرا استراتيجيا على دولة الاحتلال فلم يفلت اي طفل خلال اعتقاله واستجوابه من التعذيب والتنكيل والضرب المبرح والدوس على جسمه بالبساطير المدببة والاعتداء عليه بأعقاب البنادق وبالركلات واللكمات، صفعات على وجه الصغير، بصاق وشتائم ومساومة على العلاج وتهديدات ، انتزاع اعترافات تحت الضغط وفي اجواء من الرعب والفزع.
المحامي الاسرائيلي المخضرم فيلدمان في مقالة له يوم 28/12/2017 تحدث عن اساليب التعذيب التي يمارسها جهاز التحقيق الاسرائيلي بحق الأسرى بما فيهم الاطفال، الحرمان من النوم، التعذيب النفسي ، الشبح على كرسي صغير محني الظهر مائل للأمام، الطفل يجلس على هذا الكرسي في وضعية الموزة وهو مقيد اليدين والساقين لساعات طويلة، واصفا المحامي هذا الكرسي كوسيلة تعذيب بأنه اقسى بكثير من قلع الاظافر.
كم هذه الدولة خائفة؟ تجند جيشها ومستعربيها وفرق الموت وجنودها لمطاردة الاطفال الفلسطينيين، تقتحم غرف نومهم ، تكبلهم ، تعصب عيونهم ، تغطي رؤوسهم بأكياس قذرة، تطلق الكلاب المتوحشة عليهم، تحطم احلامهم وكتبهم واشواقهم، ويكون الليل طويلا طويلا في كل ليلة اعتقال ، يترك وراءه صراخا ودما ورصاصا، لا يطلع الفجر ولا تشفى الذكريات.
الخطر الاستراتيجي الذي يشكله اطفال فلسطين على دولة الاحتلال جعل أقسام سجن عوفر العسكري تزدحم بهم، فحالات الاعتقال للاطفال التي وصلت السجن خلال عام 2017 بلغت 595 حالة، وهذا يعني انه في كل شهر يصل السجن ما يقارب 50 طفلا، من بينهم 41 طفلا اصيبوا بالرصاص ، و81% منهم تعرضوا للضرب المبرح خلال اعتقالهم ميدانيا او في غرف التحقيق والتوقيف.
الأطفال يتعرضون بشكل متعمد للضرب على الرأس والخاصرة والكلى، يتسابق الجنود ويتناوبون بضربهم بأشكال مختلفة، يستمتعون بالدعس على اجسامهم، وعندما سأل الطفل مصطفى جمال الخليل 15 سنة الجندي الذي قام بخنقه وضربه لماذ تفعل ذلك؟ أجاب الجندي انا مجنون، حينها ادرك الطفل انه وقع فريسة في دولة مجنونة لا تحتمل ان ترى ولدا يرى نفسه أقوى من الجلاد، وفيه من كثافة الغيم ما يروي الصحراء ويستدعي المستقبل.
أطفال فلسطين أصبحوا يشكلون خطرا على دولة الاحتلال المتضخمة عسكريا والمستفحلة استيطانا وعدوانا، لهذا فالمحاكم العسكرية تصدر بحقهم احكاما عالية مصحوبة بغرامات مالية باهظة، لا مجال للبراءة في محاكم الاحتلال ، فكل طفل مدان سلفا.
دولة الاحتلال الاسرائيلي أنجزت العملية، اعتقلت الآلاف ، اعدمت المئات، فرق التعذيب قامت بدورها، المحاكم العسكرية نفذت تعليمات الحكومة ، الكنيست الاسرائيلي شرع الكثير من القوانين التعسفية العنصرية المعادية لحقوق الانسان، حفلات الضرب والتعذيب مستمرة في سجن المسكوبية، المحققون يضحكون، يرقصون حول التاوهات والآلام، الخطر الاستراتيجي للاطفال قد زال هكذا يعتقدون، فقد خلت فلسطين من الاطفال، وخلا العالم من الاحياء والضمائر ، اكتظت السجون والمقابر ، دولة الاحتلال انجزت العملية.
الطفل ينهض من التابوت..
يعرف اين قُتِل..
الطفل ينهض من الكابوس..
يعرف اين اعتُقِل..
الطفل يتحسس قلبه تحت القميص..
يعرف انه حي واين يَصِل..
اعتقدوا ان الموت نام..
الطفل ينهض من الركام..
يعلو ويعلو ويكتَمِل.