موفق مطر - النجاح الإخباري - ما ان ألقى الرئيس محمود عباس ابو مازن آخر جملة من خطابه التاريخي في المجلس المركزي الفلسطيني قبل اسبوع، حتى سارع الذين في نفوسهم غرض - وحتى مرض- الى سياسة القصف العشوائي الكلامي المنطوق والمكتوب من وراء نوعين من السواتر، الاول دخان تعمية على الوعي الفردي والجمعي الوطني الفلسطيني، يدعونه ظلما حرية الرأي والتعبير، والآخر غبار ودخان المتمترسين في خنادق عدائية مطلقة للوطنية الفلسطينية وصورها المتجسدة في صمود وثبات قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، رئيس الشعب الفلسطيني.
اضطرتنا حملة القذائف الانشطارية في ميدان القصف الاول الى قراءة المقصود من قصفهم – رغم محاولتنا وضع خارطة أهدافهم تحت منظار (حسن النية)، لكننا للأسف لم نجد لدى هؤلاء رغم مناوراتهم الكلامية في مربعاتهم أو مستطيلاتهم او اعمدتهم الورقية او حتى في شاشاتهم (العنكبوتية) الا حالة (العادة القديمة لحليمة) - كما يقولون في المثل الشعبي – اي الالتقاء مع منهج الاعلام الاسرائيلي المسيس، ومنطق قادة منظومة الاحتلال المعنيين اولا واخيرا بإغراق الجمهور الفلسطيني بتسونامي الاحباط والتشكيك، وإظهار قيادة حركة التحرر الوطنية ورئيسها ابو مازن بموقع العجز واليأس، واقتراب موعد انتهاء الصلاحية، وتحميله المسؤولية عما جرى خلال أكثر من ربع قرن مضى!!! تماما كما ذهب احدهم الى حد تقزيم توصيف الرئيس التاريخي للصراع مع المشروع الاستعماري وقاعدته اسرائيل ووصف رؤية الرئيس لحيثيات الصراع بـ "خطاب الوداع".
المتذاكون على الجمهور وأدعياء (الفهمنة) في كل امور الحياة، ومحاولاتهم اليائسة لاقناع الجمهور بأنهم يعرفون خبايا الامور ومطلعون حصريا عليها، الا انهم سرعان ما يكشفون وبأقلامهم عكس ذلك، حيث يتجلى (الخلط) والفهم الخطأ لمعاني مفردات ومضامين وجوهر خطاب صانع الحدث وصاحب القرار، وقد تفيدنا القراءة المتأنية مثنى وثلاث ورباع لمقالاتهم لاكتشاف طرائقهم المنسوخة عن طرائق واساليب الجماعات المستخدمة للدين المتطرفة، مع اختلاف بسيط انهم يستخدمون فضاء الديمقراطية وحرية التعبير، كما يستخدم المتطرفون المصطلحات الدينية للنفاذ الى وعي الجمهور وتمرير الرواية التي اقل ما ما يقال فيها انها مفسدة للوعي، والرؤية والتبصر.
لا نستطيع ولا يمكننا بأي حال من الاحوال قبول تبريرات هؤلاء تحت مبدأ حق وهو ممارسة النقد، خاصة اذا جاء قصفهم عبر مواقع أو ميادين لحركة التحرر الوطنية، لأننا في مثل هذه الحالة نعتقد بأن النقد الايجابي البناء مكانه الاطر التنظيمية الكثيرة المتاحة، حيث تطرح تفاصيل القضايا، وتناقش بعقلانية، واخلاص وطني، أما اغفال تسونامي الحملات الاعلامية الاسرائيلية والمعادية على قائد حركة التحرر الوطنية ورئيسها ابو مازن، واعطاء المساحة والزمن الكافيين لدلق رغوات صابون (هؤلاء المتذاكين) على دروب الجمهور وهو في ذروة التعبئة والاحتشاد خلف القائد الرئيس، فإن المسؤولية عن الانزلاقات والانفلاتات العبثية، ستصير مزدوجة لا يمكن لأحد تبرئة ذاته منها حتى لو كان (ابو الديمقراطية) ذاتها!!! ففي اللحظات المصيرية، لا يضيرنا رفع الورقة الحمراء بوجه المتسللين لإضعاف معنويات الجمهور، أو لقطع الثقة بين القائد والجماهير وتحديدا تلك التي على تماس ومجابهة مباشرة مع حواجز الاحتلال والمستعمرين..لا يضيرنا ذلك حتى لو سارع (الادعياء) انفسهم الى اتهامنا بمحاولة تقييد الديمقراطية...فالوطنية في اللحظات المصيرية تعني ألا نسمح بأي عبث، ومن أراد ممارسة هوايته فهو حر ولكن ليس في ملعب جماهيرنا، اذ لا يجوز منح هؤلاء اي موقع من فضائنا، والمسؤولية هنا يجب الا تضعف أمام سيل التشكيك مهما بلغت شدة جرفه، فالرئيس القائد متمسك بالثوابت، وهو بالنسبة للشعب الفلسطيني خط احمر، فللشعب بصيرة وحكمة من الصعب على "المجهريين" احتواء ابعادها.
المتمترسون في خندق العدائية المطلقة للوطنية الفلسطينية، فإنهم وبعد جولة مواجهة مصيرية غير مسبوقة للرئيس ابو مازن مع صاحب الوعد الاستعماري الجديد دونالد ترامب وقائد قاعدته المتقدمة نتنياهو، فان نوائب حماس اخذوا يصيحون يمينا وشمالا، ويثيرون الغبار في وجه الرئيس، كمساهمة منهم في تعكير بصيرته وحرف رؤيته للصراع، وراحوا يعيدون تدوير اسطوانتهم الصاخبة لاسماع ترامب ونتنياهو وايهام العالم بملكيتهم الحصرية للشرعية، فترى النائب الغول مثلا يهجم بهذه الاسطوانة فيما الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية مشغولة بالانتصار للقدس، وتفكيك حلقات المؤامرة على القضية الفلسطينية، فبدا كمن يحفر في قاع سفينة الوطنية الفلسطينية فيما أمواج الدولة العظمى الولايات المتحدة الاميركية ودولة الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي تلاطمها من كل جهة، وتستهدف روح صمود وثبات الشعب الفلسطيني المتجسدة في شخص قبطانها محمود عباس ابو مازن.
ندرك جيدا وفي هذه اللحظة التاريخية ان "النوائب" لن يكفوا عن ثقب قاع السفينة، وان مستخدمي وسائل الديمقراطية لبث روح الهزيمة لن يكفوا ايضا عن التلويح لترامب ونتنياهو فكلاهما ينادي: نحن هنا.. نحن البدائل!.