غسان زقطان - النجاح الإخباري - سيبدو الأمر ساذجا وفيه الكثير من التبسيط، حين يتمترس البعض خلف مطالبات من نوع إنجاز عملية التسليم والاستلام لمقاليد السلطة في غزة مرة واحدة، وستكون النوايا الحسنة، في حالة توفرها، التي تتغطى بها مثل هذه المطالبات مبالغة، فيها من الضرر أكثر بكثير من المنفعة.
بعد عشر سنوات من الانقسام تراكمت خلالها سلوكيات وقيم وثقافة مبنية على فكرة "الانفصال" والتحريض وفرض التوجه، ثقافة كاملة قادمة من تشوهات كثيرة ومبنية على طموحات فردية وفصائلية، ثمة ما ينبغي إعادة بنائه وترتيبه وتأهيله.
هذا يشبه الصارخين الذين يحاولون الوقوف خلف خط "سلاح المقاومة"، وتبني الدفاع عنه! ووضعه في تناقض مع "المصالحة" واستعادة الوحدة، مثل خط دفاع أخير عن الانقسام.
وهو ما ينطبق، بنفس المقدار، على المطالبين بسحبه.
عندما يجري الحديث عن "سلاح المقاومة" فالأمر يتجاوز ثقافة "سلاح الفصائل" وخطابها الاستعراضي، ثمة فجوة واسعة هنا.
لا تناقض، على الإطلاق، بين "المصالحة" وسلاح المقاومة، ولا ينبغي افتراض ذلك، ثمة سوء نية واضحة في زج هذا "التناقض" المصطنع في العربة.
على هذا "التناقض" نهضت روح الانفصال وتغذت وتحولت إلى ما يشبه حربا أهلية فلسطينية، ومن بوابته تسللت قوى إقليمية وعززت نفوذها وفرضت أجندتها على المشروع الوطني الفلسطيني، وفي دفيئاته عشش التطرف وتنفس المتطرفون، وعلى سلمه صعد وشاة ومحرضون وتجار بأقنعة سياسيين، وتحت مظلته حدث "الانقلاب".
"سلاح المقاومة" هو في النهاية مكتسب وطني كبير إذا أحسنت إدارته وتوجيهه وضبطه وترشيده، أما "الصراخ" حول أنه "خط أحمر" و"لا يسمح" المساس به وأنه "مقدس" ... وكل هذه "المعلقة" المملة، فسيبدو، دون شك محاولة جديدة لترتيب جولة صراع داخلي مضمرة.
سلاح المقاومة ليس "خطا أحمر"، وليس "خارج الحسبة"، وهناك أسئلة كثيرة حول دور هذا السلاح، وعقيدته، ومكانه، وتوجه فوهته، وسلطته على الحياة اليومية للناس، الناس الذين قدموا أكلافا باهظة لبقائه وحمايته عبر مواجهة لم تتوقف لاعتداءات دموية متلاحقة وحصار شمل كل شيء في حياتهم.
سلاح المقاومة هو جزء من استعادة الوحدة والثقة التي خلخلتها عشر سنوات طويلة من الانقسام والتسلط وسوء الإدارة والفساد.
لا ينبغي أن يكون هناك خلاف على دوره ووجوده، وسيكون من سوء التدبير المطالبة بسحبه، الجوهري هنا هو ضرورته والمحافظة عليه ولكن في سياق دور وطني، بعيدا عن الشارع، وعن كونه سلطة موازية كما كانت الحال عشية الانقلاب، رغم صعوبة ذلك.
الأيام الفلسطينية