ريما سروجي - النجاح الإخباري - أصوات تختلط فيها موسيقى الطبيعة مع زقزقة العصافير و حفيف السرو الخمسيني خريف، الى زمامير السيارات و ترانيم بائع متجول يجر عربته، و زعيق مديرة المدرسة في مكبرات الصوت على طالباتها... أصوات كثيرة و أخبار تتناثر بين زقاق المخيم حيث يمكن للاشاعة و الوشاية أن تلهم المارة لحسن الاستماع.
تجلس أم أحمد على ناصية الطريق، مع زمرة من نساء الحي اللاتي عرفن الحياة بأنها كفاح المزارع في الارض، فلا وقت لدلال النساء، تجاورها سيدة طاعنة في السن ظلت تجيد لف اوراق السيجار كما اعتادت عليها "أيام البلاد".
لا تستسيغ السيدات "منظر بنات اليوم " و هن " يقمزن بالكعب العالي" و يصبغن وجوههن بمساحيق التجميل، الحاجة أم ثائر تقلب شفاهها و تضم يدها الخشنة على ذقنها، في حين تتصنع ام أحمد الود للمارين و ترد التحية بالتحية .
لا تستطيع أن تنسى سنوات عجاف من الرحمة و الشفقة ، في أولى سنوات زواجها، و هي الملقبة بليلى علوي من جمال ملامحها.
على بعد أمتار، و عند زاوية المخيم توجد دكانة صغيرة، محطة طلاب المدارس قبل الدخول الى أبواب المدرسة، فهي المتجر و المكتبة و ملتقى الاصدقاء، لصاحبها الرجل الكهل الذي لا يبدي أية انفعالات تجاه جمهرة الطلبة أمام دكانه، فقد اعتاد الصمت و المكان و اعتاد طفولة اولاد الحي بالرغم من أنه لم يرزق بالاطفال.
في بقعة أخرى من المخيم، تتقارب فيها المنازل و الخطايا أكثر، بضعة من الشباب العاطلين عن العمل، يمتهنون الشارع و الوشاية بالجيران، ربما من تأثير ما يتعاطوه من الحشيشة و السجائر المضروبة. في غرف على الاسطح العالية تعتلي ليالي السمر و السكر خلف الابواب المقفلة ، الا أن تلاشي الفضاءات يكشف الحجاب و يفضح المستور.
مرة أخرى يجلس مسنن على عتبة منزلة كل يوم، لاستنشاق هواء نقي، لكن حاوية قريبة تفسد عليه النهار، و لا يأبه و يصر على أن فكرة الجلوس في الخارج ستظل أكثر نقاء من رطوبة البيت.
أسير في شوارع المخيم و أنظر من حولي، فأقرأ في كل وجه أعرفه و مكان قصص و حواديت من قلب الزغاريب.