عاطف شقير - النجاح الإخباري - مما لا شك فيه، ان الملف الأمني يشكل أبرز التحديات في طريق المصالحة الفلسطينية التي وقعتها حركتي فتح وحماس برعاية مصرية في القاهرة، ولكن هذه التحديات يمكن تذليلها متى توفرت الارادة الوطنية والعزيمة للخروج من هذا النفق المظلم الذي اكتوى شعبنا بنيرانه على مدار عقد من الزمن.
فدعوة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله إلى الاسراع في حل الملف الأمني دعوة وطنية حريصة، إذ لا يعقل أن تفتح المعابر دون بسط السيطرة الامنية الفلسطينية الداخلية في قطاع غزة وفق اتفاق القاهرة الموقع بين الطرفين عام 2011، والتي دعا فيها الفصائل الوطنية إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق وطني جامع في الملف الأمني.
لا ينكر أحد، أن الملف الأمني يعتبر من أعقد الملفات في طريق المصالحة الفلسطينية، فحركة حماس لديها قرابة 17 الف موظف في مجال الأمن في قطاع غزة، الأمر هنا يحتاج إلى رؤية امنية مشتركة للخروج من هذا النفق المظلم دون أن يتعثر قطار المصالحة، فلا بد من توفر الاليات اللازمة للخروج من هذه المطبات وفق رؤية أمنية عصرية، قوامها أن انتماء الأجهزة الأمنية للوطن وليس لاي فصيل سياسي.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس فتح باب التجنيد في قطاع غزة وفق العقيدة الأمنية الوطنية، إذ لا يجوز أن يكون انتماء الجندي لحزبه أو فصيله السياسي، فولاء الجندي أولًا واخيرًا لوطنه ومصلحة شعبه، هذه الرؤية الأمنية الوطنية تكرس فينا حب الوطن وحب الدفاع عنه، هنا لا بد من الاتفاق على هذه الرؤية بين حركتي فتح وحماس، اذ يفضل ان يكون اصحاب الرتب العسكرية الرفيعة من الشخصيات العسكرية الوطنية المستقلة، لانه في كل دول العالم لا يجوز للامن ان يتدخل في مجريات السياسة في اي دولة من دول العالم، ولا يحق له الانتماء لاي حزب سياسي.
هنا يجب ان نغلب المصلحة العليا لابناء شعبنا فلا غالب ومغلوب، فكلنا في الهم شرق، وما ان غلبنا مصالح شعبنا الوطنية العليا، فلا ارى اي عقبات تكتنف الملف الامني، متقينين أن الاحتلال لا يزال جاثما على ارضنا ويتربص بنا الدوائر، اذ لا يعقل ان نمضي هذه السنوات من الانقسام الأسود وراء مكتسبات هنا وهناك ولا يزال الاحتلال يصادر ارضنا ويهود قدسنا.
نحن في هذه المرحلة، لا ننكر اننا نعيش في مرحلة تحرر وطني تقتضي منا الحرص على وحدتنا وتقوية جبهتنا الداخلية نابذين عوامل الفرقة والانقسام التي اثرت على مجمل قضيتنا خلال عشرة أعوام أو يزيد، فالأحرى بنا ان ننقل المواجهة السياسية مع الاحتلال ونعزز من مقومات الصمود لابناء شعبنا على الارض وفق عقيدة وطنية مشتركة يتفق عليها الكل الوطني للخروج من هذا النفق المظلم.
 حينها يغدو الملف الأمني من أبسط الملفات اذا توفرت الارداة الوطنية العليا لتغليب مصالح شعبنا فوق المصالح الحزبية الضيقة، إذ أن عقيدة الأمن يجب أن تكون أولًا واخرًا للوطن وليس لاي حزب أو فصيل سياسي.
خلاصة القول، لا بد من الخروج بعقيدة امنية متفق عليها من الكل الوطني، دون الالتفات للمصالح الحزبية، وتغليب صوت الوطن على أي صوت اخر، حينها نطمئن أن قطار المصالحة يسير وفق السكة الصحيحة دون ان يتعثر في الطريق.