أشرف صالح - النجاح الإخباري -
كثير ما نسمع من الأحزاب الدينية في الوطن العربي وهي تتحدث عن الدولة المدنية . وهذا يعني أن الأحزاب الدينية تتبنى فكرة الدولة المدنية بكل مكوناتها وتداعياتها . ولكن ما هي الدولة المدنية ؟ هل هي رفض للدولة العسكرية . أم هي رفض للدولة البدائية . أم هي رفض للدولة الدينية . إن تعريف الدولة المدنية إختلفوا عليه فقهاء الدين والسياسة . ويتركز هذا الإختلاف في ثلاث جبهات رئيسية . جبهة الأنظمة الحاكمة . وجبهة الإخوان وجماعاتها . والجبهة السلفية . ولكل جبهة من الجبهات الثلاثة أحزاب سياسية ودينية صغيرة تتبعها من الناحية الفكرية . الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي تتبنى الدولة المدنية على إعتبار أنها الدولة التي تتناقض مع الدولة البدائية وتواكب التطور والتقدم . وتطلق عليها دولة المؤسسات . التيار السلفي في الوطن العربي سواء سلفليا جهاديا أو دعويا أو سياسيا . فهو يرفض تماما فكرة الدولة المدنية على إعتبار أنها تتناقض مع الشريعة الإسلامية . ومن وجهة نظر التيار السلفي أن الدولة المدنية هي نفس الدولة العلمانية لغة وإصطلاح . وهي دولة تقوم على قواعد الديمقراطية التي لا وجود لها في مفردات الإسلام . أما بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين فهي تمزج بين الإسلام والسياسة . جماعة الإخوان هي حركة برغماتية بإمتياز . بمعنى أنها تهتم بالنتائج وتغض النظر عن الوسائل المستخدمة للوصول إلى أهدافها . وهي تتبنى فكرة الدولة المدنية لأن هذه الفكرة تتيح لها الوصول إلى الحكم وكسب قاعدة جماهيرية واسعة . والأهم من كل هذا من وجهة نظر جماعة الإخوان . أن مصطلح الدولة المدنية هو أخف ضرر من مصطلح الدولة العلمانية . على إعتبار أن العلمانية كمصطلح قد يبغض عامة الناس . هذه لعبة ذكية تلعبها جماعة الإخوان . فهي تهاجم العلمانية وتتبنى الدولة المدنية . مع العلم أن كلا الدولتين تحكمها قواعد واحدة وأهداف واحدة . ولكننا أمام تناقض واضح وخلط في الأوراق وتلاعب في المصطلحات . فيجب أن نعلم جميعا أن الدولة المدنية بمفهومها الشامل لا تختلف عن العلمانية . لأنها تحمل في مفرداتها وأدبياتها نفس الأدوات والأهداف . فهي تتبنى الديمقراطية "حكم الشعب" وتتبنى الليبرالية"الحرية المطلقة" وتتبنى العلمانية"فصل الدين عن السياسة" . بالإضافة إلى الحكم بالقوانين الوضعية وحرية الإعتقاد . هذه المصطلحات جميعها لا علاقة لها بالدين . ولكن الخطورة في الأمر أن بعض الجماعات الإسلامية تستخدم هذه المصطلحات لتحارب بها الأنظمة الحاكمة . وفي نفس الوقت تتبناها بأسماء مختلفة ومن أشهر هذه الأسماء "الدولة المدنية" . هناك وهم كبير يسمي نفسه الأحزاب الإسلامية . محاولا منه أن يقنع الأخرين أنه هو وحده الإسلام . وأن غيره ليس مسلمين . ووهم آخر أيضا . تبنيه للدولة المدنية محاولا منه كسب قاعدة جماهيرية واسعة . إن ما نسمعة في الخطاب الديني هو تلاعب في الألفاظ ومشاعر الناس ليس أكثر . ومن وجهة نظري أن الدولة المدنية مقبولة لدى الجميع . فيجب أن تنحصر في مواجهة الدولة البدائية والدولة العسكرية فقط . فلا نستخدمها ضد الدولة الدينية . لأن الدين مصدر التشريع ولا يجوز إستبداله أو تهميشه . يجب أن يكون إستخدام الدولة المدنية دولة مؤسسات تحترم العدالة والنظام . وتواكب التقدم والتطور مع الحفاظ على السلوكيات العامة للإسلام .