يحيى رباح - النجاح الإخباري - منذ بدأت الشرطة الإسرائيلية التحقيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ملفاته الثلاثة، على خلفيات جنائية، ربما تستمر هذه التحقيقات لفترة أطول، والسؤال الكبير يطرح بقوة، لماذا هذه التحقيقات تثير كل هذا الضجيج؟ ولماذا تحدث كل هذه الموجات من الصدى السياسي والقانوني والأخلاقي عن الحياة في إسرائيل؟ مع أن مثل هذه التحقيقات جرت من قبل مع رؤساء إسرائيلين ومع رؤساء وزارات، ووزراء من الفئة الأولى، لم يحدث مثل هذا الضجيج، بل إن النتائج لتلك التحقيقات على اختلاف أنواعها، قد صبت في انطباع واحد، بأن إسرائيل دولة ديمقراطية حقاً، وليس فيها أحد، ولا حزب، ولا جماعة دينية أو اجتماعية فوق القانون، بينما التحقيقات الحالية مع نتنياهو وأصدقائه المحيطين به، تبدو مختلفة بشكل حاد، ويبدو أن الأسئلة تتعالى أكثر، هل ما نشهده هو مأزق نتنياهو أم مأزق إسرائيل؟؟؟
وقد زودتنا الأخبار بمعلومات جديدة في الأيام القليلة الماضية بأن نتنياهو الذي كان يسعى إلى إصدار تشريع من الكنيست يمنع التحقيق مع شخص رئيس الوزراء في إسرائيل مادام في منصبه، وهذا يعني رمي مؤسسة العدالة ومؤسسات القضاء في إسرائيل وراء الظهر، ويبدو أن هذا مالم ينجح فيه نتنياهو، فوجد الإسرائيلون أنفسهم أمام معضلة أخرى لا تقل خطورة، ألا وهي الاستمرار في التحقيقات، ولكن منعها من التقدم بتوصيات جراء هذه التحقيقات، وبالتالي بقاء نتنياهو آمناً لا يهدده شيء.
لو دققنا الفحص في كل الأجواء السياسية والقانونية المصاحبة لهذه التحقيقات منذ شهور، فسوف نجد بوضوح أن إسرائيل تسقط كل ادعاءاتها وخرافاتها السابقة التي تدعي فيها أنها واحة الديمقراطية، وبلد القانون، فهذا كله أوهام تتبخر أمام التجربة الحقيقية، وقد شاهدنا ذلك في قضايا عديدة بعيدة عن التحقيقات مع نتنياهو وعائلته، من أهمها وقوف النخب الإسرائيلية أمام ظاهرة الإرهاب اليهودي في آلاف من الحوادث اليومية مثل إحراق الفتى محمد أبو خضير، وإحراق عائلة الدوابشة، وقتل الشاب عبد الفتاح الشريف وهو جريح وفي حالة العجز الكامل عن إيذاء أحد، وحوادث وصنع السكاكين في أيدي فلسطينيين بعد قتلهم لاتهامهم بمحاولات طعن، أو تزوير الوثائق عن ملكية أراض يدعيها بعض الإسرائيليين، أو ادعاء قائد لواء بنيامين في الجيش الإسرائيلي الذي قتل فلسطينياً بدافع الدفاع عن النفس، مع أن الفتى الذي كان يرشقه بالحجارة كان بعيداً عنه مئات الأمتار، والأخطر أنه في كل هذه الحوادث الإرهابية التي تضج بالسقوط الأخلاقي، كان كثيرون من أركان الدولة الإسرائيلية يقفون لصالح هذا الإرهاب اليهودي، من بينهم نتنياهو نفسه.
وجاءت القضية الكاشفة الكبرى، وهي ردة فعل الحكومة الإسرائيلية ضد المصالحة الفلسطينية، لماذا هذا الجنون، وهل هو تعبير عن مآزق الحكومة، أم مآزق أعضاء في هذه الحكومة؟
يجب أن نفتح العيون أكثر، وأن نقرأ هذه الاندياحات الإسرائيلية أكثر، فهذا الذي يحدث في تحقيقات نتنياهو مشكلة كيان وليس مشكلة فرد، كيان يسقط في كل اختبار، كيف يفقد موقعه كشريك، إنه مجسم عدوان التف بكمية هائلة من الدعايات الكاذبة، والأساطير والخرافات التي لا تصمد أمام أي اختبار!! وهذا الانتباه يجعلنا نثق بأنفسنا وبطريقنا وبهدفنا أكثر، فإسرائيل تتكشف أكثر مما كانت تعتقد، وبما أن العالم يتغير، فسوف يسقط هذا الحاجز الذي أقامته اعتماداً على الأكاذيب، والخطأ ممنوع في هذه الحالة، فكل طرف فلسطيني يرتكب خطيئة إحداث تشقق في الصف الفلسطيني يجب أن يواجه برفض قاطع وإدانة ساطعة حتى لا نسمح لإسرائيل أن تتخلص من مآزقها القاتلة على حسابنا.
yhya_rabahpress@yahoo.com