عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - أعلنت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الممثل الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زيد بن الحسين بدأ منذ عشرين يوما تقريبا بإرسال رسائل تحذيرية ل150 شركة في دولة الإحتلال الإسرائيلي وفي العالم، أكثر من نصفها شركات إسرائيلية، و30 شركة أميركية، والباقي شركات ألمانية وكورية جنوبية ونرويجية. لافتا نظر القائمين عليها بأنها مرشحة للدخول في القائمة السوداء التي تعدها الأمم المتحدة، كونها تعمل في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على اراضي دولة فلسطين المحتلة في حزيران 1967 ووفق الصحيفة ذاتها، فإن جزء من الشركات أبلغت الممثل الأممي، أنها لا تنوي تجديد عقود جديدة في إسرائيل ومستعمراتها.
وكانت رسالته للشركات تتضمن "إن عملها في الأراضي الفلسطينية يعتبر مخالف لقواعد القانون الدولي، ومخالف ايضا لقرارات الأمم المتحدة. وطالبها (بن الحسين) بتحديد موقفها من إستمرار العمل في المستعمرات الإسرائيلية. بالإضافة لذلك أرسل الممثل الأعلى لحقوق الإنسان للدول التي تعمل فيها هذة الشركات، وابلغها ان الشركات المحددة ستُضم إلى القائمة السوداء للإمم المتحدة، وطالبها بإتخاذ القرارات المناسبة لعدم مواصلة عملها في اراضيها لحين تصويب أوضاعها بخروجها من القائمة. بمعنى آخر لم يقتصر الإجراء الأممي بتحذير الشركات المتورطة في العمل الأسود في المستعمرات، انما تلازم مع الشروع بمحاصرتها في دول العالم الأخرى التي تعمل بها مما افقد قادة إسرائيل وأنصارهم في الولايات المتحدة صوابهم. وجعلهم يدورون حول انفسهم خشية من تداعيات القرار الأممي، وأيضا للبحث في كيفية التصدي للخطوة الأممية الشجاعة.
ويعود القلق والإرباك الإسرائيلي إلى الخشية من اولا تقليص عمل الشركات الكبرى في دولة الإستعمار الإسرائيلية، وليس في المستعمرات فقط؛ وثانيا تزايد عزلة إسرائيل عالميا؛ ثالثا تعزيز وتشجيع خيار المقاطعة في الأوساط العالمية، الذي يؤثر تأثيرا مباشرا على الإقتصاد والمكانة الإسرائيلية الدولية؛ رابعا إتساع التأييد العالمي للقضية والأهداف الوطنية الفلسطينية.
وللتحريض ضد القرار الأممي بنشر القائمة السوداء، الذي وقفت خلفه القيادة الفلسطينية، عندما طرحتة في نهاية عام 2016، لجأت إسرائيل للبضاعة الفاسدة والمفضوحة، إلى إعتبار القرار معاد للسامية، وانه بمثابة حرب على إسرائيل، لإنه يعطي تشريع وتغطية مجانية لفلسفة المقاطعة، كما وإتهمت الأمم المتحدة بالإنحياز الأتوماتيكي لصالح الفلسطينيين. ولهذا شكلت الحكومة الإسرائيلية لجنة مع عدد من الوزارات للتصدي لنشر القائمة من وزارات الخارجية والإقتصادي والشؤون الإستراتيجية، وتقرر إقامة غرفة عمليات لمتابعة التطورات على هذا الصعيد. وكان وزير الأقتصاد الإسرائيلي، إيلي كوهين حذر الأمم المتحدة من المضي قدما في قرارها، لإن تداعيات القرار على الفلسطينيين سيكون أكثر قسوة، وقال في هذا الصدد " كلما تحقق التهديد فإن الآف العرب سيحالوا إلى البطالة، وسيصبحون عاطلين عن العمل". واضاف أن "الإقتصاد الإسرائيلي أقوى وأكثر قوة من أي مقاطعة خاصة في ظل الحاجة إلى الإبتكار والتكنولوجيا الخارقة، التي تعد إسرائيل لاعبا رئيسيا فيها." وتابع وزير الإقتصاد ان حكومته "ستؤمن للشركات المتضررة من نشر اسماءها في القائمة السوداء مزيدا من الأرباح من خلال الإعفاء الضريبي او تقليص نسبها، وستعمل على مساندتها في كل المجالات."
ولم تكتف حكومة نتنياهو بذلك، بل جيشت القوى الصهيونية والمؤيدة لها في الولايات المتحدة لإلغاء قرار نشر القائمة السوداء، حيث دعا "الإيباك" أعضاء الكونغرس إلى رفع مشروع القانون الجديد الذي طرحه في آذار الماضي السيناتور بن كاردين، أكبر الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية على التصويت عليه بعد إدخال التعديلات الضرورية لضمان نسبة تصويت عاليه لصالح تمريره. ومشروع القانون الجدد يهدف إلى التصدي لسياسة مقاطعة إسرائيل بهدف منع الشركات الأميركية من التعاون مع القرار الأممي المذكور أو أية هيئات دولية أخرى تلجأ لذات التوجه. وفي الوقت نفسه دعا الإئتلاف اليهودي الجمهوري المشرعين الجمهوريين إلى تعزيز التشريعات ضد المقاطعة، وهاجم الأمم المتحدة لإنها تنشط ضد إسرائيل. وكان زعيم الديمقراطيين في الكونغرس تيد دويتش، وعضو لجنة العلاقات الخارجية قال لصحيفة "هآرتس" إنه "غاضب جدا ويشعر بالإشمئزاز" من الرسالة التي ارسلها الممثل الأعلى لحقوق الإنسان للشركات العاملة في المناطق (الفلسطينية). واشار إن الخطوة الأممية تعكس اهمية إقرار مشروع القانون ضد مقاطعة إسرائيل.
حالة من الهيجان والسخط السياسي في إسرائيل وأميركا نتيجة الألم الناتج عن القرار الأممي، الذي مثل صفعة جديدة لخيار الإستعمار، تلتة صفعة اخرى تمثلت بإنضمام فلسطين للشرطة الجنائية الدولية "الأنتربول"، الذي يحتم على القيادة الفلسطينية بالتعاون مع الأشقاء العرب وأنصار السلام في العالم لملاحقة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية في كل الأوساط والمنابر الدولية والأممية لعزلها ومحاصرتها، ومن ثم إرغامها (إسرائيل) على الإلتزام بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الأممي 194. ولا يجوز لمعركة المواجهة في المنابر الدولية ان تتوقف ضد إسرائيل لتعريتها وملاحقة مجرمي حربها في محكمة الجنايات الدولية وحيث أمكن ذلك في دول العالم. لإن هذا التوجه جزء اساسي من معركة الدفاع عن الحقوق والأهداف الوطنية العليا.