جهاد قاسم - النجاح الإخباري - خمسة واربعون دقيقة استمر خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منصة الامم المتحدة الدولية التي تجمع تحت سقفها ممثلي دول العالم. خطاب الرئيس عباس كان سلاحا ذو حدين الاول تهديد ناعم و الثاني سلاح العتب واللوم ، حيث تدرج الرئيس في وصف الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون امام اصلا من يعرفون هذا الواقع ويشاهدونه يوميا الا ان هذا الوصف كان يحمل صبغة التهديد عندما طالب الرئيس اسرائيل بضرورة تحمل مسؤولياتها كدولة الاحتلال حيث لا فائدة من " سلطة بلا سلطة" كما قال.
ومن تتبع خطاب الرئيس بنقاطه العشرة يمكن ان يتصور ذلك بمشهد يوجد به استاذ يعاتب طلابه لعدم كتابة واجباتهم المدرسية ، فالرئيس أملأ قاعة الامم المتحدة بكلمات الاستغراب والاستهجان والعتب على الدول التي اعترفت بإسرائيل دون ان يحدد هذا الكيان حدوده اصلا وهو ما شكل انتهاكا للقانون الدولي ، وفي نفس الوقت فان اللوم ايضا هو نفسه على الدول التي لم تعترف بفلسطين الى هذا الوقت. تعمد المخرج في قاعة الامم المتحدة الى اخذ لقطات بعد كل بضعة دقائق لمندوبة اسرائيل في الامم المتحدة ، التي كانت تضحك بسخرية في بعض الوقت وكانت حذرة في ابداء اي ملامح على وجهها في اوقات اخرى، وهي لم تمنع نفسها اصلا من اللعب في جهازها المحمول وكأنها توجه رسالة الى العالم انه كله وراء ظهر اسرائيل.
وان كان العالم بنظر اسرائيل غير مهم الا ان الخطاب عرج وأكد على كثير من النقاط في الملف الاسود ، ملف من يتعامل ويدعم الاستيطان، اضافة الى التأكيد على قضية الاسرى ، وعدم التغيير بان القدس الشرقية العاصمة الفلسطينية على حدود عام 1967. الجميل في الخطاب انه مقسم الى قسمين وهذا يعتبر حنكة سياسية في مخاطبة الجمهور .فنصفه الاول دولي ونصفه الاخر شعبي. النصف الدولي تعمد الرئيس الى دب حالة من الرعب واللعب على الوتر الحساس عندما طالب اسرائيل بعدم المس بالمسجد الاقصى والانجرار الى حرب دولية تكون عواقبها كبيرة ، اضافة الى التأكيد على مبدأ السلام ونبذ التطرف والارهاب المتمثل بداعش واخواتها وتذكير هذه الدول بالتزاماتها تجاه شعب محتل.
اما النصف الشعبي فان الرئيس لم ينسى ميادين رام الله ونابلس وقلقيلية وسلفيت وباقي المدن .
حيث خرج الالاف لتأييد خطابه ، اضافة الى مباركة النصر المقدسي على ابواب الاقصى وارسال تحية خاصة الى مئات الالاف من المقدسيين خاصة. ومع الكلام المعمق عن الاستيطان والقدس والاحتلال والمبادرة العربية ، الا ان اكثر الملفات كانت حضورا هو ملف اللاجئين الفلسطينيين، حيث استغل الرئيس الامم المتحدة وتحت سقفها مباشرة للتحذير من خطورة الموافقة على طلب اسرائيل بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا حيث لذلك مأساة كبيرة يمكن ان تزيد كاهل اللاجئ هموماً أخرى.
وحتى ان كنا نسمع كل الثوابت الفلسطينية في خطابات الرئيس عباس الا ان الخمسة والاربعين دقيقة من الخطاب يمكن ان تكون اقل تأثيرا وقوة لولا التحسن الذي طرأ على ملف المصالحة الفلسطينية ، حيث اراد الرئيس ان يقول للعالم باننا بتنا متوحدون ونسير على ذلك فالوطن واحد والشعب واحد وحججكم اصبحت دون جدوى وانا اعلن امامكم ان حكومة التوافق الوطني سوف تذهب الى غزة وتمارس عملها. فبيتي اصبح عامرا وبيتكم اصبح خرابا بقراراتكم التي لا تطبق.
في تلخيص لكل الخطاب فان اكثر ما لفتني ربما هو تأكيد الرئيس باننا لسنا شعبا خلقنا للتسول فقط .
فهذا واجب عليكم في هذا الوقت، فعندما تنهون الاحتلال فإننا لا نريد اموالكم وسنقول لكم شكرا لكم فدعونا نقولها في اسرع وقت .