عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - صباح أمس الاول أعلنت حركة حماس في بيان رسمي حل اللجنة الإدارية، ودعوتها لحكومة الوفاق الوطني لتسلم مهامها في محافظات الجنوب. وبذلك نظريا تكون الحركة استجابت لمطلب الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية. وتعقيبا على ذلك رحب الرئيس أبو مازن من نيويورك بالخطوة وباركها، كما أعلن وفد حركة فتح للقاهرة برئاسة عزام الأحمد استجابته للجهود المصرية المميزة والخطوة الحمساوية المهمة. وأكد الأحمد في لقاء مع فضائية فلسطين مساء الأحد وبعد مهاتفة إسماعيل هنية، رئيس حركة حماس، ان القرار الحمساوي جدي، ولا يحمل في طياته مناورات جديدة، واشار إلى عودة الوفد للقاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة ليس للبحث عن اتفاقية جديدة، انما لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في 2011 وفي إعلاني الدوحة والشاطئ.
رغم هذا المناخ الإيجابي هل يستطيع المراقب الذهاب بعيدا في حدود تفاؤله؟ أوليس من الممكن لبعض العقبات الأمنية والإدارية وضع العصي في دواليب التحرك الإيجابي الجديد؟
أوليس من الممكن ان يفجر بعض المتضررين الأوضاع تحت ذرائع وحجج وهمية؟ وهل فعلا وصلت قيادة حركة حماس لقناعة جدية لطي صفحة الانقلاب؟ وما هو الثمن الذي حصلت عليه او قد تحصل عليه من القيادة ومصر وهل أخذت قيادة حماس الضوء الأخضر من حلفائها ام أن الموافقة على الخطوة الجديدة شكل من اشكال المناورة؟
لا يملك المرء إلا ان يبارك الخطوة، ويعتبرها من حيث المبدأ تصب في الاتجاه الصحيح. وأزالت اول الألغام الحقيقية من طريق المصالحة. وستمهد المناخ الإيجابي لمناقشة تفاصيل الملفات ذات الصلة بالمصالحة بأريحية. وقد توسع دائرة قوس الترجمة وتنفيذ بعض العناوين. ومنها موضوع فتح المعابر في حال تسلم حرس الرئاسة مسؤولياته على معبر رفح، وإمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية، وحتى ملف الموظفين الحمساويين، قد يتم تحريكه في حال شرعت اللجنة الفنية الإدارية الحكومية العمل وفق المعايير المهنية لتقييم أهلية ومكانة الموظفين. مع ما يحمله هذا الملف من صعوبات وألغام، لا تتعلق بالتغطية المالية لفاتورة الرواتب، إنما لجهة تقييمها بعض من نصبتهم حركة حماس في مواقع وزارية من الفئتين الأولى والعليا، وايضا على صعيد وقف الإجراءات الأخيرة التي طالت الموظفين في قطاع غزة ... إلخ، لكن يبقى الملف الأمني وتوحيد السلاح تحت راية الشرعية ومؤسساتها الأمنية في محافظات الجنوب عقدة المشاكل الأساسية.
في كل الأحوال مطلوب تعزيز وتعميم الأجواء الإيجابية دون الإفراط بالتفاؤل حتى لا يصطدم المواطن الفلسطيني في حال تعثرت اجواء المصالحة. لاسيما وان ابناء الشعب الفلسطيني اكتووا بنيران الفشل والذرائع لتغطية مواقف حركة حماس في كل المحاولات السابقة. وبالضرورة سيكون للشقيقة الكبرى دور اساسي في دفع عربة المصالحة للامام من خلال إمساكها زمام الأمور، والضغط الإيجابي على حركة حماس لبلوغ ترجمة حقيقية وأمينة لخارطة طريق المصالحة، لأنها هي الطرف المعطل لطي صفحة الانقلاب الحمساوي حتى إعلانها الأحد حل اللجنة الإدارية. وبالضرورة لم تقدم حركة حماس على الخطوة الإيجابية إلا بعد التشاور وأخذ الضوء الأخضر منهم للمضي قدما بهدف تعويمها في المشهد الفلسطيني والعربي والإقليمي، والتخفيف من الأعباء الثقيلة الملقاة على كاهل موازنتها من فاتورة الراتب للموظفين العسكريين والمدنيين.
مع ذلك على الكل الوطني تأمين مظلة داعمة للخطوات الإيجابية على طريق التطبيق الخلاق للمصالحة الوطنية. وعلى حكومة التوافق الوطني التقدم بخطى حثيثة لتولي مهامها في قطاع غزة، وتجاوز المنغصات، وتفعيل دور اللجنة الإدارية الفنية بشأن الموظفين فورا، وبعد عودة الرئيس ابو مازن من رحلته الخارجية البدء بالتشاور مع الكل الوطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإصدار مرسوم رئاسي لتحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. المهم على كل الغيورين على الوحدة الوطنية، وضع ثقلهم للنجاح هذه المرة، وعدم السماح للفشل التخييم مجددا على الأجواء، لأن الفشل هذه المرة ستكون له آثار كارثية على وحدة ومستقبل الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية.