عبد الناصر النجار - النجاح الإخباري - في السنوات الماضية شرّعت إسرائيل مجموعة كبيرة من القوانين التي تُصنف دولياً بالعنصرية... بحيث أصبح تقدم عضو كنيست أو مجموعة من الأعضاء لتشريع مثل هذه القوانين إنجازاً وطنياً، بل أن التسابق في التقدم بمشاريع قوانين هو سمة سيطرة اليمين واليمين المتطرف الإسرائيلي على زمام الكنيست.
رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول منذ عدة أشهر الهروب إلى الأمام في ظل الاتهامات الموجهة إليه بالفساد. ولعل أكثر من يرون لنتنياهو للتخلص من هذه المعضلة هو التشدد والتعصب بلا حدود تجاه الشعب الفلسطيني أولاً، أو ما يعتقد أنه في مصلحة اليهود، وبشكل خاص محاولة إرضاء المستوطنين وغلاة اليمين العنصري، والإعلان عن هذه السياسة رغم أنف العالم، ورفضه حتى لمجرد الضغوط السياسية الضعيفة التي تأتي من هنا أو هناك.
نتنياهو يحاول أن يُسرِّع تشريع قانون القومية اليهودية الذي يقوم على أسس عنصرية لا مثيل لها في العالم، ويجري مشاورات مكثفة مع عدد من أعضاء الكنيست في معسكره من أجل إقناعهم بالتصويت لصالح المشروع الذي يقوم بشكل أساسي على أن إسرائيل هي دولة قومية لكل اليهود في العالم، بمعنى أن كل يهودي في أصقاع الأرض هو جزء من إسرائيل... وحتى المتهودين الجدد الذين هناك خلاف حولهم بين الأصوليين والحاخامات البرغماتيين.
ومن الأسس العنصرية لمشروع القانون التأكيد على يهودية الدولة، وهذا الامر مقدم على مفهوم الديمقراطية. منذ الإعلان عن قيام إسرائيل بعد النكبة الفلسطينية في العام 1948 كان زعماء إسرائيل يؤكدون على ديمقراطية هذه الدولة، كان دفاعهم دائماً عن مفاهيم "المساواة" المفقودة كما ورد فيما يسمى بإعلان الاستقلال، وأن الدولة لكل مواطنيها ولو نظرياً.
مشروع القانون الجديد يصنف إسرائيل على أنها دولة اليهود أو ما يسمى يهودية الدولة، وبالتالي من هم غير اليهود هم ليسوا أكثر من مقيمين بشكل مؤقت حتى وإن ولدوا ودفنوا في هذه الأرض. وهذا ما ينطبق على الفلسطينيين فهم ليسوا مواطنين من الدرجة الأولى لأنهم أغيار ، وبالتالي هذا جزء من نظام التفرقة العنصرية، الذي لفظه العالم.
أيضاً، مشروع القانون يعتبر أرض فلسطين التاريخية وطناً لليهود ومكاناً لحق تقرير المصير. عندما يتم الحديث عن فلسطين التاريخية، فإن المقصود، أيضاً، كل الأراضي التي تم احتلالها في العام 1967. وبالتالي فإن هذا يعني نفياً تاماً لأُكذوبة حل الدولتين، لأنه بمجرد إصدار هذا القانون بعد القراءة الثالثة، ستصبح الضفة الغربية والقدس المحتلة جزءاً لا يتجزأ من دولة اليهود، ولا مجال لدولة أخرى في أرض إسرائيل.
حتى على مستوى القضاء فإن القضاء اليهودي هو الأساس بمعنى أن القانون الدولي الإنساني، أو التشريعات العالمية حول قضايا حقوق الإنسان أو السلم وغيرها لن تكون ذا قيمة بالنسبة لإسرائيل ما بعد تشريع هذا القانون.
حتى بالنسبة للغة فهو يعتبر أن اللغة العبرية هي اللغة الوحيدة الرسمية، وبذلك يستثني اللغة العربية التي كانت تعتبر لغة رسمية ثانية. وبالتالي فليس هناك أي إلزام حقيقي للدولة اليهودية بأن تستخدم اللغة العربية في المؤسسات الرسمية. رغم محاولات طارحي مشروع القانون العنصري بامتياز أنه يمكن استخدام اللغة العربية للمساعدة.
إن مشروع القانون لا ينسف فقط حل الدولتين، ولكن، أيضاً، حل الدولة الواحدة، بالمفهوم الديمقراطي، حيث يستبعد المشروع الديمقراطية باعتبارها عاملاً ثانوياً مؤكداً على أحقية مفهوم "اليهودية"... إذن هي دولة لليهود المتواجدين في كل بقاع الأرض... هي أرض الميعاد من البحر إلى النهر، وربما ما خلف النهر.
الخطير في ظل زمن الهيمنة اليمينية العنصرية في إسرائيل فإن ما كان يسمى باليسار الإسرائيلي ليس له وجود تقريباً.. وهو أضعف من اتخاذ قرار بالمواجهة... لوقف مجموعة القوانين الأكثر عنصرية على مستوى العالم... رغم أن ما يسمى باليسار الإسرائيلي سيتأثر سلباً إذا ما مرر المشروع ابتداءً من الشلل التام في أيام السبت والأعياد اليهودية إلى الطعام الحلال... إلى مفهوم العائلة والزواج وغير ذلك.
من المفترض أن يتم التصويت على مشروع القرار الشهر المقبل وإذا فعلاً تم إقراره فنحن أمام الدولة العنصرية بامتياز في العالم.
نقلا عن الأيام