عاطف شقير - النجاح الإخباري -  

ان الإعلام الديمقراطي هو النموذج الواقعي المعاصر، حيث يتيح للجمهور حرية اختيار الأفضل والأحسن، حسبما يريد ويتطلع دون ان يكون هناك رقابة تحيل دون سماع الفكر الأخر والرأي الأخر، فلعل هذا الرأي يحمل شيئا من الصحة والدقة والواقعية التي تقود في نهاية المطاف إلى الحقيقة جميعها.

أما من الناحية الاخبارية فتجد الرسالة تعالج هموم المواطنين وشكواهم دون ان تترك هذه الأصوات مهمشة و لا يسمع صوتها أحد، فهذه النوعية من الإعلام كفيلة بان تناقش قضايا العمال والفلاحين كل على قدر تمثيله في المجتمع، ولهذا ادعو ان تناقش الأخبار قضايا وشؤون القطاعات المختلفة كل حسب نسبته في المجتمع، فإذا افترضنا ان نسبة الموظفين في المجتمع الفلسطيني 40% فيجب على الإعلام الديمقراطي ان يغطي هذه الفئة ويطرح مشاكلها ضمن برامج وثائقية وأخبارية بما يعادل نسبته 40 % عندئذ يشعر المواطن بحقه في معظم قطاعات الدولة، مما يزيد من قوة الانتماء لهذه الأرض والمؤسسات والوطن.

أما بالنسبة للعاملين في حقل الإعلام الديمقراطي فيجب ان يتصفوا بالموضوعية والدقة العالية والمصداقية التي تقوم على منهج البحث العلمي التجريدي الذي لا يلتفت إلى المعايير البيروقراطية التي من شانها تنفير الجمهور من التغطية العلمية.

فالأعلام الناجح يجب ان يلتفت اشد الالتفات إلى الجمهور ورغبانه لكي يولي هذه الرغبات أهمية كبيرة من خلال برامجه الثقافية والوثائقية.

حيث يقوم هذا الإعلامي بأجراء الدراسات المختلفة كالاستفتاءات ودراسة الرأي العام المحلي ومدى تقبله لهذه البرامج والنشاطات الإعلامية المختلفة وبناء على هذه النتائج التي يخرج بها الاستطلاع، نكون الإستراتيجيات الإعلامية المختلفة التي من شانها تبني آراء الجمهور في التطلعات الإعلامية التي يراها مناسبة، ولا اعتقد ان تكون الغالبية الساحقة على خطا فالصواب حليف الأغلبية والأكثرية، فلا يعقل عبر التاريخ ان تكون الأغلبية رافضة الخير والازدهار والتطور لبلادها إذا تربت على مفاهيم الحرية والتعددية السياسية والرأي الأخر.

أما هذا النموذج الإعلامي، فانه بطبيعة الحال يتطلب حكومة ديمقراطية تقوم على أفكار التعددية السياسية وقبول الفكر الاخر والنظام البرلماني الديمقراطي وحرية التعبير.

في حقيقة الأمر، ليست الديمقراطية هي التي تعطل آراء الجماهير الغفيرة في قضية معينة بحجة مقاومة الإرهاب، ان الديمقراطية تحتاج إلى أناس مؤمنين بمبادئها حتى لو تعرضوا لهجمات إرهابية فلا يمكن تجاوز الخطوط الديمقراطية لتبرير القتل والدمار وعدم الإجماع الدولي على ضرورة شن الحرب في مثل هذه الظروف، و ان الديمقراطية تحتاج إلى الثبات عليها وقت الأزمات والحروب والنكبات وليست الديمقراطية التي إذا ما تعرضت إلى مأزق سياسي وعسكري تحولت فجأة ودون سابق إنذار إلى اشد أنواع الدكتاتوريات.

أما فيما يتعلق برجع الصدى للاعلام الديمقراطي فانه يترك الأثر الكبير عليهم لانه يعالج مشاكلهم وقضاياهم المختلفة حسب نسبتها في المجتمع، فلعك تتصور اعلام يعالج مختلف قطاعات المجتمع بنسب تمثيله في المجتمع ويقوم بأجراء دراسات دورية أراء الجمهور في خططه الإعلامية لتلبية رغباته المختلفة، الا يلقى هذا الإعلام الإقبال الشديد عليه؟.

   خلاصة القول، ان على الإعلاميين المعاصرين ان يعملوا قدر الإمكان لتطبيق هذا النموذج في بلدانهم المختلفة، وذلك عن طريق استصدار القوانين المختلفة التي تبيح نشر مثل هذا النموذج في المجتمعات الإنسانية المختلفة سيما العربية والإسلامية منها، لان نشر مثل هذا النموذج يعزز من انتماء المواطن لترابه الوطني ولمؤسساته الوطنية.