يحيى رباح - النجاح الإخباري - الأزمة الدبلوماسية التي تفاقمت الى ذروة خطيرة مع دولة قطر، حين أعلنت العديد من الدول العربية وعلى رأسها السعودية ومصر والامارات والبحرين واليمن وليبيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، واخطار دبلوماسييها بالمغادرة خلال ثمان وأربعين ساعة فقط، واغلاق الأجواء والممرات البرية والبحرية، بالإضافة الى مضاعفاتها المحتملة، هذه الازمة الخطيرة قد تكلف خسائر قادمة على اكثر من صعيد، لم تبدأ في الحقيقة يوم امس، ولم يكشف النقاب عنها في القمة العربية الإسلامية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض، بل هي أزمة تتفاعل منذ احداث الخامس والعشرين من يناير 2011 في مصر، وبداية انكشاف دور الاخوان المسلمين في محاولة اسقاط الدولة المصرية، والموقف القطري الملتبس الذي كان يعاني منه الاخوان الذين تمت هزيمتهم الساحقة بعد انكشاف عدم اهليتهم الفاضحة لتولي حكم مصر عبر تبني الإدارة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما لهم، ثم نفض يده منهم بعد الانكشاف المريع لعدم كفاءتهم والذي تم التعبير عنه في محطات كثيرة، وتطور العلاقات العربية الى حلف قوي بقيادة السعودية ومصر لمحاربة الإرهاب بكل اشكاله مدعوم بحلف دولي.
ومنذ ذلك الوقت ظل الموقف القطري في حالة التباس، ومحاط بقدر كبير من عدم الفهم من قبل الاشقاء، ولكن قطر التي قال أميرها الشاب تميم بن حمد آل ثاني انها ليست حزبا ولا حركة بل دولة، في رسالة فهم منها انها تملك الحق في الاختلاف من خلال مصالحها كدولة لها التزامات واستحقاقات، ولكن كيف يناقش هذا الالتباس من خلال الحوار العميق والجاد والملتزم؟ فالعلاقات القطرية مع مصر ظلت متوترة، والعلاقات مع السعودية ظلت متوترة، والعلاقات مع كل الذين يشتكون من الإرهاب ظلت متوترة، وأضيف الى الوجع ذهاب قطر أكثر نحو ايران التي تعلن منهجا أكثر تطرفا على الصعيد الطائفي ولكنها في الانتخابات أقصت أكثر المتطرفين وهو احمدي نجاد عن المشاركة فيها، وجددت الولاية لرئيسها الإصلاحي مرة ثانية، وهو موضوع لا يزال يثير في العالم تحليلات متباينة.
بطبيعة الحال، لا توجد ازمة دون خسائر، خاصة اذا كانت ازمة بهذا الحجم كالتي انفجرت بين قطر وشقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي، ودول من خارج مجلس التعاون مثل مصر واليمن وليبيا، ودول أخرى عربية وإسلامية قد تدخل في هذا المضمار، والخسائر المتوقعة قد تكون كبيرة على كل الأصعدة، وقد تكون مرشحة للانزلاق نحو مسارات اكثر خطورة، ولهذا فان العقول الكبيرة والحكيمة في العالم العربي يجب ان تتقدم بسرعة الآن وقبل فوات الأوان لاستعادة القواسم المشتركة على صعيد الأمن، والبعد الاستراتيجي، والمعني الحقيقي لسيادة الدولة الحديثة ولكن ليس على حساب الآخرين، واسبقية الموقف العربي ونظرية الأمن القومي العربي التي لايجب ان تخترق لحساب اطراف صغيرة او لحساب العدو التاريخي وهو إسرائيل وعدم اللجوء للاستعانة في حل الالتباسات الداخلية.
الامل كبير في ان الازمة المدوية القائمة الان، قد تفتح الباب امام حوار صريح يضع النقاط الأساسية على الطاولة، فحق كل دولة في مجلس التعاون الخليجي او في جامعة الدولة العربية في ان تتخذ القرار الذي يناسب مصالحها مرهون أيضا بمصالح الاخرين وليس منفلتا عن أي مسؤولية، ونعتقد ان الحكمة يجب استنفارها في وقت الخطر، وهذا هو الوقت المناسب.