محمد علي طه - النجاح الإخباري - أعادني بيان "الأطر اليساريّة" في الجامعة العربيّة الأمريكيّة في مدينة جنين إلى اللغة القوميّة في سبعينيات القرن الماضي التي خاطَبَتنا بها مجموعةٌ من طلّابنا الجامعيّين الذين اختلفنا معهم فكريًّا وأحببناهم في الوقت نفسه، كما "استقبلنا" بها أيضًا شبّانٌ ومثقّفون من العالم العربيّ نعتونا بالصّهيونيّة لأنّنا بقينا منغرسين في وطننا على الرّغم من المجازر وقسوة الحكم العسكريّ والاضطهاد القوميّ والتّمييز العنصريّ و"عيّرونا" بجواز السّفر الإسرائيليّ الذي ناضلنا للحصول عليه لنرسّخ بقاءنا في بيوتنا ومدننا وقرانا. وكنت أردّد في سرّي حينما أسمع أقوالهم في هافانا وفيّنا وعواصم عديدة "ليت أهلنا بقوا في الوطن وحملوا الهويّات الزّرقاء وجوازات السّفر الاسرائيليّة وما عاشوا في المخيّمات، ولكنّ "ليت" لا تطعم كعكًا ولا خبزًا.
حزنت وأنا أقرأ "البيان الهامّ!!" الذي صدر عقب نشاط وطنيّ لمساندة الأسرى الفلسطينيّين الأبطال الذين يخوضون معركة الصّمود والكرامة بأمعائهم الخاويّة وقلت "كأنّنا يا بدر لا رحنا ولا جينا، ولم نتعلّم من التّجربة الغنيّة التي اجترحها شعبنا في مسيرته النّضاليّة الباهرة".
لا شكّ بأنّ لنا واقعنا الخاصّ وظروفنا الخاصّة وطرق نضالنا الخاصّة وقد نختلف مع بعض الأخوة ونتحاور مع البعض الآخر وقد لا يعجبنا نهج البعض ولكنّنا لا نسمح لأنفسنا بتخوين فصيل فلسطينيّ أو معاداة فريق من أبناء شعبنا كما أنّنا لسنا بحاجة إلى شهادة وطنيّة من أيّ فصيل يساريّ أو يمينيّ أو وسطيّ.
دعمت هيئاتنا الوطنيّة نضال الأسرى الإنسانيّ العادل منذ اليوم الأوّل للإضراب وقد أثار نوّابنا في القائمة المشتركة هذا الموضوع في الكنيست، في عقر دار الحركة الصّهيونيّة، ويعرف الجميع أنّ النّائب أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة وزملاءه زاروا عددًا من الأسرى قبل الاضراب، في السّنوات السّابقة، فقد زار النّائب عودة المناضلين مروان البرغوثيّ وأحمد سعدات كما زار النّائبة خالدة جرّار وحضر محاكمتها وكان أوّل المستقبلين لها حينما خرجت من السّجن. هكذا فعل نوّابنا ماير فلنر وتوفيق طوبي وتوفيق زيّاد ومحمّد بركة وحنّا سويد.
لا أحد يطلب من الطلّاب الفلسطينيّين أن يعترفوا بالسّينات أو بالدّوما أو بمجلس الشّيوخ أو بمجلس الشّورى أو بالكنيست. ومرّة أخرى نحن لا نحتاج إلى شهادة وطنيّة من أحد ولا نحتاج إلى أسلوب المحسّنات اللفظيّة في هذا الزّمان. يا أبناءنا ويا أحفادنا فكّروا برويّة. "الدّنيا وين واحنا وين!".
سامحكم الله!