رائد الدبعي - النجاح الإخباري -
تجاوز حسن عصفور كل آداب الاختلاف، وأخلاقيات المعارضة المسؤولة، وانحدر في مقاليه الأخيرين عبر موقع أمد الإخباري إلى القاع، وبلغ مستوى خطابه الحضيض، إذ أن حالة السعار الحاد التي أصابته مؤخرا، جعلته يطلق التهم جزافا دون وعي أو تمييز، ويتناغم في العديد من مواقفه المعلنة مع أعداء شعبنا، ويصطف بإرادته الكاملة في الخندق المواجه للوطن، وفي صفوف من يتربصون به الدوائر.
يضمن القانون الأساسي الفلسطيني لحسن عصفور وغيره من المواطنين أن يغرد بالطريقة التي يرتئيها تحت مظلة القانون، ومن المباح له أن ينتقد أي شخصية عامة، مهما علا شأنها بهدف تصويب الأداء، أو إظهار الاختلاف، بل أن توفير مناخات من الحرية، والتعددية، وحماية حقوق المعارضين هو من واجبات الحكومة، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال، كيل التهم جزافا بحق الشخصيات الأكاديمية والوطنية، والمؤسسات الوطنية، التي ساهمت بشكل جلي، بوضع فلسطين على خارطة العالم، ونجحت في احتضان مئات الآلاف من شباب الوطن، وفي حمايتهم من مخططات التهجير والتجهيل، وفي استقطاب نخبه الأكاديمية والوطنية، وهو الأمر الذي سقط فيه حسن عصفور، في خطابيه المليئين بالتناقض الفج، والعنصرية المقززة، والخطاب الشعبوي الممجوج، والوقوع في شرك ما يدعي عن غيره زورا وبهتانا.
لكي ننتقل من مرحلة الخطاب، والعاطفة، إلى فضاء التحليل الموضوعي لادعاءات حسن عصفور، في مقاليه سيئي الصيت، واللغة، والمنطق، اللذين حملا عناوين هابطة من قبيل " شللية النجاح " و " ثلاثي الخيبة" ، فإنني باعتباري أولا أحد خريجي جامعة النجاح الوطنية،وأحد نشطاء الحركة الطلابية الذي تطوّق هذه المؤسسة التعليمية أعناقنا بالخير، والحب، والأصالة، وكمواطن يرفض السكوت، والسلبية، الذي يندرج في إطار التواطؤ حينما يتعلق الأمر بالوطن، وفي إطار الجبن، والضعف حينما يكون المستهدف نسيج شعب وسلمه الأهلي، تحت شعارات براقة، تسر القارئ البسيط، بينما هي بالأساس خنجرا يصيب قلب الوطن، ويستهدف نسيجه المجتمعي، فإنني سأعمل على وضع النقاط على الحروف، وأرد على مقاليه الهزيلين، بقوة الحقيقة، والمنطق، والأرقام، وبلغة المحبة والوحدة الوطنية، التي تعلمناها في ساحات النجاح، وقاعات محاضراتها.
أخطر ما في لحن عصفور النشاز، هو محاولته اختراق النسيج الاجتماعي لشعبنا، من خلال استخدام لغة عاطفية، تحمل بين صفوفها السم في العسل، بينما تفضحها جموحه الطاغي للفرقة، وميلها الجامح لتكريس الانقسام وتعزيزه، لعله يجد في المشروع الجديد مكانا يشبع شرهه للسلطة، والنفوذ، والجاه، إذ كان على حسن عصفور أن يراجع مقاله الذي قلد فيه نفسه عرّابا لوحدة الشعب، ومحاربة الانقسام، ليرى بأم عينه عدد المرات التي استخدم بها مصطلحات انقسامية، تصنف شعبنا وفقا للجغرافيا التي حاربت منظمة التحرير عقودا لوأدها، ويكفي هنا أن نذكر عصفورنا ذو اللحن النشاز، بما خطت يداه من مصطلحات انقسامية، على غرار " القرايا الغزية" والكرامة الغزية، وأهل غزة، وأهل القطاع، أبناء فتح في غزة، " في مشهد يعيد للذاكرة ما اعتادت عليه قوات الاحتلال من توصيف أبناء شعبنا، بسكان المناطق، أو سكان غزة، أو سكان يهودا والسامرة، إذ بحثت بين السطور، علني أجد توصيفا واحدا لأهلنا الفلسطينيين في قطاع غزة، استخدم فيه حسن كلمة فلسطين، دون أن أنجح.
وعليه فإن الدرس الأول يا حسن أن فلسطين تجمعنا جميعا، وأن الفلسطيني في غزة، أو الضفة، أو القدس، أو النقب والمثلث والجليل، أوالقابع في الشتات ينتظر العودة، هو فلسطيني أولا وثانيا، وثالثا، وأخيرا .
أما خطؤك الثاني يا عصفور، فهو تماديك على مؤسسة بحجم جامعة النجاح الوطنية، حاولت مرارا أن التمس لك عذرا، فقلت في نفسي، لعل الجهّال لا يعرفون قدر الجامعات، ولعل أصحاب الثقافة الضحلة لا يفقهون قيمة المؤسسات التعليمية، ولعل العصفور الذي يقيم في عشه الوثير خارج الوطن، لا يعلم قيمة العش الذي يحتضن العلماء، والمثقفين، وقادة الفكر، والرأي، والذي منه انطلقت الثورات، والانتفاضات، وعلى ثراه ارتقى الشهداء، إلا أنني تداركت نفسي وقلت لا، فحتى أصحاب الأجنحة المتكسرة من العصافير، وجب عليهم احترام مؤسسة بحجم جامعة النجاح الوطنية، التي بدأت مسيرتها عام 1918، فكانت قبلة لطلاب العلم من مشارق العالم العربي، ومغربه، قبل أن تتحول بفضل حكمة رئاستها ، ومدرسيها، وإدارتها، وحركتها الطلابية، إلى كبرى جامعات الوطن، وتاجا يزين جبين فلسطين، ومنارة عز تضيء سماءها علما، وإبداعا، ومقاومة مثمرة، فتلك الجامعة التي تجرأت يا عصفور على الإساءة لها، هي أحد مقومات صمود شعبنا، وأعمدة بقاء شبابه في الوطن، ومحط استقطاب لخيرة النخب الأكاديمية والعلمية، وتوطينهم في فلسطين، من خلال ما توفره من أجواء مثالية للتنمية المستدامة، والأجواء المثالية لحرية الفكر والإبداع، وما توفره للوطن والمواطن من خدمات يستحيل ذكرها في سطور المقال،تشمل مختلف محافظات الوطن، ألا تخجل حين تحاول التقليل من قيمة قامة أكاديمية بحجم الدكتور الفاضل سائد الكوني، خريج كبرى جامعات العالم، أو قامة كبرى بحجم الدكتور الفاضل فواز عقل، الذي يشهد لعلمه الوطن العربي بأكمله، أو الدكتورة خيرية رصاص، التي تشكل نموذجا مشرقا للمرأة الفلسطينية والعربية الناجحة، والأكاديمية المميزة، والسياسية الواثقة بالنصر، والتي تواصل الليل والنهار، لكي ينعم أبناؤك، ومن هم بمكانهم بوطن حر عزيز كريم، دون أن تنتظر شكرا، أو تتلقى راتبا لقاء ذلك، ألا تشعر بالعار من محاولتك الإساءة لتلك القمم الشماء، أما توصيفك لدولة رئيس وزراء فلسطين الدكتور رامي الحمد بالموظف في لجنة الانتخابات المركزية، فهو انحدار جديد لديك، فإن كان توصيفك هو إساءة لمؤسسة من كبرى مؤسسات الوطن، والمشهود لها بالشفافية كلجنة الانتخابات المركزية، فقد وجب عليك الاعتذار، وإن كان توصيفك من باب تزوير الحقائق، وجب تذكيرك أن الدكتور رامي الحمد الله لم يكن يوما موظفا في لجنة الانتخابات المركزية، إنما كان أمينا عاما لها، وقد شهد العالم من أقصاه إلى أقصاه لأداء اللجنة في عهده بالشفافية، والعدالة، والمهنية، والحياد، أما ما لا تعرفه عن رئيس وزراء دولة فلسطين، - ولا ألومك على ذلك حقيقة، كون عالم الإبداع الأكاديمي، والعلم والتميز والبناء بعيدا عن محور اهتماماتك الشخصية- ، أنه تقلد عددا من المواقع الأكاديمية المرموقة منها، عضو مجلس إدارة منتخب لاتحاد الجامعات العربية والأوروبية، وعضو مجلس إدارة المجلس العربي لتدريب طلاب الجامعات العربية، وعضوافي المجلس التنفيذي، اتحاد الجامعات العربية، وعضو مجلس أمناء المجلس الأكاديمي الدولي، وعضو مجلس أمناء في مؤسسة ياسر عرفاتـ، وعضو مجلس أمناءجائزة فلسطين الدولية للتميز والإبداع، وعضو مجلس أمناء لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني، وعضو مجلس إدارة التعاون الأكاديمي الأوروبي الفلسطيني في مجال التعليم، ورئيس برنامج التعاون الأكاديمي بين الجامعات الفلسطينية والأوروبية والأمريكية،وعضوا في اللجنة التوجيهية لمجلس الجامعات العربية للبحث العلمي، ونائبا لرئيس الأكاديمية العلمية الفلسطيني، ورئيس مجلس إدارة بورصة فلسطين، وعضو مجلس إدارة مجلس رؤساء الجامعات الفلسطينية، وعضولجنة إعداد الدستور الفلسطيني، إلا أن الأهم من كل ذلك يا عصفور أن جامعة النجاح الوطنية كانت تبني جسورا مع العالم، وتبتكر وتفتتح كليات جديدة، ومباني، وأقسام، وتبدع وتتقدم في ظل محاولات الاحتلال خنق نابلس، وفي اللحظات التي كان فيا جنود الاحتلال يهدمون البيوت في البلدة القديمة والمخيم في نابلس وجنين، وغيرهما، كانت سواعد الأحرار تبني جامعة النجاح الوطنية، بتعليمات، وإشراف من رئيس وقبطان سفينتها الدكتور رامي الحمد الله، هل تعلم يا عصفور، أن من تهاجمه حافظ على أحلام مئات الآلاف من الأسر بتعليم أبنائهم، واستطاع أن يبحر في جامعة النجاح الوطنية في ظل أمواج عاتية اعترت مسيرتها، دون أن يسجل في مسيرتها تباطؤ أو إيقاف للعملية التعليمية، هل تعلم أننا في عهده كنا ندفن شهدائنا وهو في مقدمة المشيعين، ثم نعود لقاعة الدرس إيمانا منه ومنا أن العلم رأس حربة المقاومة، هل تعلم أن جامعة النجاح في عهده كانت ولا زالت أولى جامعات الوطن، وخامس جامعات الوطن العربي، وفي الصفوف المتقدمة للجامعات العالمية، فأي حيوية أكثر يا عصفور في مسيرة شعبنا بعد كل ذلك، أم تعتقد أن ذلك نتاج صدفة أو ضربة حظ.
فالدرس الثاني الذي عليك أن تتعلمه يا عصفور، أن تقف احتراما، وإجلالا لرسل العلم، ولمن لولاهم لما كان لدينا أعلى نسب تعليم في العالم أجمع، ولكان مئات الآلاف من شبابنا يستطيب البقاء في الغربة كما تفعل أنت، وتستباح الأرض من قبل المحتلين، وقطعان مستوطنيهم.
أما السقوط الثالث فهو المدوي يا عصفور، وهو سقوطك في شرك الكذب، وتضليل الحقائق، واتهامك الحكومة بالانعزالية السياسية" وتكثيف البعد "المناطقي" و"الشللية السياسية"، وردنا هنا أن أكاذيبك لا تستحق الرد، ويكفي للدلالة على أكاذيبك الكثيرة، ذكرك لأسماء عدد من الوزراء على أنهم من جامعة النجاح الوطنية لتأجيج الاصطفاف المناطقي بين أبناء شعبنا، بينما الحقيقة تخالف ذلك، ومثال ذلك معالي وزير العدل الدكتور علي أبو دياك، ومعالي وزير المواصلات المهندس سميح طبيلة، فيما لا مجال لذكر كل الأكاذيب هنا يا عصفور، لكنني أود أن أذكرك يا صاحب مؤامرة البعد المناطقي أن القائم بأعمال جامعة النجاح الوطنية هو ابن القدس العاصمة، وأن عمداء كلياتها، ورؤساء مراكزها العلمية من مختلف محافظات الوطن، بما في ذلك الجزء العزيز من الوطن، غزة هاشم، وأنها كانت وستبقى منارة إشعاع واستقطاب لكل النخب الأكاديمية والعلمية من الوطن والشتات، دون تحيز جغرافي، وأن العالم بأكمله يشهد لحكومة الدكتور رامي بالشفافية، والمسؤولية، وتقنين النفقات، والحكم الرشيد، والمساواة في الواجبات، والمسائلة اليومية، وعدم التهاون في حقوق المواطن، ومحاربتها للفلتان الأمني في ظل ظروف أمنية معقدة، ويكفي أن أذكرك بموقف الدكتور رامي المبدئي، والحاسم بتبني قرارات لجنة تقصي الحقائق بقضية مجمع المحاكم، لتعي أين نحن اليوم يا عصفور، بينما أنت لا تزال تغط في سبات في عشك الدافىء.
درسك الثالث يا عصفور أن المؤمن لا يكذب، والإنسان السوي لا يختلق الأكاذيب، لأنها تضع من إنسانيته، وكرامته وعزته.
سؤالي لك يا حسن، واتمنى أن تجيب بكل صراحة، من هو مخترع تقسيم مناطق الوطن إلى ألف وباء وجيم، وما هي انجازاتك للوطن عندما كنت وزيرا، وعضوا في البرلمان، ولماذا لا تشارك أهل غزة صبرهم وصمودهم بدلا من التباكي عليهم من قصرك العاجي في منفاك الاختياري.
أتمنى أن تستفيد من الدروس الثلاثة، وأن يصلح الله قلبك، وعقلك، ويمنحك جناحا قادرا على التحليق قي سماء الحقيقة .