جهاد الخازن - النجاح الإخباري - تابعت على مدى سنوات مقالاً أسبوعياً كان يكتبه الصحافي البريطاني جيفري برنارد في مجلة «ذي سبكتيتر» تحت العنوان «حياة منحطة» المأخوذ من عبارة مستعملة بالإنكليزية. برنارد توفي سنة 1997، وتذكرته وأنا أتابع الكذب اليومي أو المبالغة في تصريحات الرئيس دونالد ترامب وتغريداته وتعليقاته.
ترامب نموذج لتلك الحياة المنحطة (الواطية بالعاميّة) التي كتب عنها برنارد، وهو لو عاش إلى يومنا هذا لربما وجد في الرئيس الأميركي الجديد مادة أسبوعية دسمة لملء مقاله.
نشرت الأسبوع الماضي بعضاً من كذب ترامب ومبالغاته، وقد تجمعت لي مادة جديدة ربما كان أهمها حملته على الرئيس باراك أوباما بتهمة التنصت على هاتفه عشية انتخابات الرئاسة. ترامب لم يرفق التهمة بأي دليل على صحتها، وراجعت الخبر في الميديا الأميركية كلها ووجدت أنها كادت أن تُجمِع، حتى في العناوين، على القول إن ترامب لم يُرفق التهمة بدليل يثبتها.
ربما اخترع دليلاً غداً، ولكن اليوم أسجل عليه تغريدات أربع عن الموضوع. هو قال:
- مريع. وجدت لتوي أن أوباما تنصت على «برج ترامب» قبل النصر (يقصد فوزه بالرئاسة). لم يجد شيئاً. هذه مكارثية (إشارة إلى السناتور جوزف مكارثي وتحقيقه مع ناس بتهمة الشيوعية).
- هل يحق لرئيس في الحكم أن يتنصت على سباق على الرئاسة رفضته المحاكم قبل ذلك. هذا انحطاط جديد.
- أراهن على أن محامياً قادراً يستطيع أن يلاحق قضية جيدة على أساس أن الرئيس أوباما كان يتنصت على هاتفي قبل الانتخابات.
- كم انحط الرئيس أوباما بالتنصت على هاتفي خلال انتخابات رئاسة مقدسة جداً. هذا نكسون/ووترغيت. أو رجل سيئ أو مريض (يقصد أوباما).
الرئيس السابق رد أنه لم يتنصت على أي مواطن أميركي خلال فترة حكمه وقال إن التهمة زائفة. أوباما أستاذ جامعي في الدستور الأميركي ولا بد أنه يعرف أن الرؤساء لا يحق لهم التنصت على أي مواطن، فالتنصت تقوم به وزارة العدل بعد صدور قرار عن قاضٍ. وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) طلبت من الوزارة نفي تهم ترامب لأوباما فلا دليل عليها.
وزير العدل، أو المدعي العام باللهجة الأميركية، هو جيف سيشنز الذي قد يتبع مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الذي طُرِد بعد أن ثبت كذبه عندما قال إنه لم يجتمع مع السفير الروسي سيرغي كيزلباك ثم ثبت أنه اجتمع. سيشنز أيضاً أنكر الاجتماع مع السفير ثم ثبت اجتماعهما قبل الانتخابات. أما جاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب وهو يهودي أرثوذكسي، فقد اجتمع مع السفير في «برج ترامب» بعد الانتخابات.
المعلومات لم تكتمل بعد عن علاقة دونالد ترامب مع روسيا والرئيس فلاديمير بوتين قبل الانتخابات، واتصالات مساعدي ترامب بالمسؤولين الروس. إلا أن هذه أمور لا يمكن أن تظل مخبوءة إلى الأبد، وكل يوم هناك معلومة جديدة عن كيف عملت روسيا جهدها لمساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة. ترامب قال يوماً إنه اتصل بالرئيس بوتين، وهو يقول اليوم إنه لم يتصل به. هل نسي أو تناسى؟ أو لعله كذب ويقول الصدق الآن.
ترامب لا يزال يدافع عن سيشنز ويتهم الميديا بنشر أخبار كاذبة، مع أن ما تنشر صحيح وما يقول هو كذب أو مبالغة. ترامب قال إن ثقة الناس بالميديا أقل من ثقتهم بالكونغرس. وعدت إلى استطلاعات الرأي العام ووجدت أن مؤسسة غالوب أجرت استطلاعاً للرأي العام أظهر أن ثقة الشعب بالكونغرس مجرد 9 في المئة، في حين أن ثقته بالجرائد 20 في المئة، وبالتلفزيون 21 في المئة.
لا بد أن أعود الى الموضوع قريباً فأختتم اليوم بالقول إن تغريدة ترامب عن التنصت وهي tap بالإنكليزية كُتِبَت خطأ tapp لتزيد على مسلسل أخطائه ومبالغاته.
عن «الحياة»