النجاح الإخباري - قُتل 37 شخصاً، أمس الخميس، في أحد أكثر الأيّام دمويّةً خلال شهرين من الاحتجاجات في العراق، ولا سيّما في الناصريّة في جنوب البلاد التي شهدت مواجهات كثيفة بين المحتجّين وقوات الأمن وحيث تحدّى الأهالي حظر التجوّل لتشييع الضحايا.
وأعلنت السلطات المحلّية في الناصرية الحداد ثلاثة أيّام.
وندّدت المفوّضية العراقيّة لحقوق الإنسان في بيان "بالاستخدام المفرط للقوّة"، مسجّلةً سقوط 25 قتيلاً في الناصريّة وقتيلَين في بغداد، إضافةً إلى عشرات الجرحى في أنحاء البلاد. وقال أطبّاء إنّ 10 متظاهرين قُتِلوا بالرّصاص في مدينة النجف المقدّسة لدى الشيعة.
وبدأ إطلاق النار منذ صباح أمس، في الناصريّة وأدّى الى مقتل 25 شخصًا وإصابة أكثر من 200 آخرين بجروح بحسب مصادر طبّية، عند محاولة القوّات الأمنيّة تفريق التظاهرات.
واتّهمت منظّمة العفو الدوليّة القوّات العراقيّة باستخدام العنف المفرط على مدى شهرين، داعيةً المجتمع الدولي إلى التدخّل لوقف "سفك الدماء".
وأصدر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بيانًا أدان فيه عمليّات القتل، قائلًا "أنصح الحكومة بالاستقالة، وإنْ لم تفعل فهذه بداية نهاية العراق".
وعلى أثر الأحداث الدامية، قرّر رئيس الوزراء إقالة القائد العسكريّ الفريق جميل الشمري بعد ساعات من تعيينه مسؤولاً عسكريًا على الناصريّة التي تشهد منذ أيّام احتجاجات متواصلة.
وشيّع المتظاهرون الغاضبون جثامين الضحايا بعد أن تمكّنوا من إضرام النيران بمقرّ قيادة الشرطة والسيطرة على جسرين رئيسيّين.
بعد ذلك، حاصر المتظاهرون المقرّ العسكري الرئيسيّ في وقت انتشر مسلّحون من أبناء القبائل المؤثّرة في المنطقة على طول الطرق السريعة الرئيسية لمنع وصول تعزيزات عسكرية إلى المدينة.
تأتي عمليّة القمع الواسعة التي شهدتها الناصريّة مسقط رئيس رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بعدَ ساعات من إعلان تشكيل خليّة أزمة عسكريّة في المحافظات الجنوبيّة المنتفضة لإدارة الملفّ الأمني فيها، واستعادة النظام.
وفي واحدة من أكثر دول العالم ثراءً بالنفط ومن أكثرها فسادًا، يُطالب المحتجّون منذ الأوّل من تشرين الأوّل/أكتوبر بإصلاح النظام السياسي وتغيير كامل طبقتهم الحاكمة التي يعتبرونها فاسدة. كما يهاجم متظاهرون إيران التي يتّهمونها بدعم الحكومة والطبقة السياسية.
وارتفعت حصيلة الضحايا في هذه التظاهرات منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر إلى نحو 390 قتيلاً وأكثر من 15 الف جريح، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس، بينما لا تُصدر السلطات أرقامًا محدّثة أو دقيقة.
ويُحرق المحتجّون الإطارات ويلقون حجارة وزجاجات حارقة على القوّات العراقيّة التي تردّ بقنابل مسيلة للدموع ورصاص مطّاطي وحَيّ.
واندلعت الصدامات الأخيرة، أمس الخميس، قرب ساحة الاحتجاج في الناصريّة، حيث فرّقت قوّات الأمن المتظاهرين وطردتهم من جسرين رئيسيّين كانوا يحتلّونهما منذ أيّام.
وقال شهود إنّ المتظاهرين الغاضبين أضرموا النار كذلك في فوج المهمّات الخاصّة بعد سقوط قتلى بين صفوفهم.
وبعد ساعات، أعلنت السُلطات المحلّية حظر تجوّل. وشوهدت تعزيزات عسكريّة منتشرة حول أطراف المدينة، فيما جرى تفتيش جميع السيارات والأشخاص الداخلين إلى الناصرية، حسبما ذكر مراسل فرانس برس.
واتّخذت السلطات خطوة مشابهة في مدينة النجف التي قال مراسل فرانس برس إنّ شوارعها كانت شبه مقفرة صباح الخميس إثر الحظر المفروض، فيما أعلنت الإدارة المحلّية عطلةً رسميّة للموظفين.
من جهة أخرى، طالبت إيران العراق، الخميس، باتّخاذ "إجراءات حازمة ومؤثّرة" ضدّ "العناصر المعتدية" على قنصليّتها في مدينة النجف.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانيّة الرسميّة عن المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة عباس موسوي "استنكاره الاعتداء" على القنصليّة الإيرانيّة، موضحة أنّه "تم إبلاغ السفير العراقي في طهران رسميًا بشأن احتجاج إيران الشديد في هذا الخصوص".
في كربلاء الواقعة على بعد 100 كيلومتر جنوب بغداد، اندلعت اشتباكات بين مجموعة تضم نحو 200 متظاهر مع قوات الشرطة قرب مقر الحكومة المحلية.
إلى ذلك، واصل المتظاهرون اعتصاماتهم في الكوت والعمارة والحلة، جنوب العاصمة، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة.
وفي مدينة البصرة الغنية بالنفط، أعيد فتح معظم الدوائر الحكومية لكن ظلت أبواب المدارس مغلقة مع انتشار قوات الأمن في الشوارع.