انقرة - وكالات - النجاح الإخباري - تسارعت التطورات في سورية أمس على وقع نشاط ديبلوماسي غربي للدفع بالتسوية السياسية. وفيما هددت تركيا بـ «عملية عسكرية واسعة ووشيكة» في منطقة شرق الفرات التي يسيطر عليه حلفاء واشنطن الأكراد، كان لافتاً تضامن موسكو مع أنقرة في الرد على اتهامات دمشق لتركيا بـ «عدم التزام اتفاق إدلب».
وبعد أيام قليلة من إطلاق الجيش التركي مدفعيته ضد مواقع «وحدات حماية الشعب الكردية» شرق الفرات في منطقة كوباني، قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن بلاده «أكملت خططها واستعداداتها لتدمير الإرهابيين شرق الفرات، وستطلق قريباً عمليات أوسع نطاقاً وأكثر فاعلية في تلك المنطقة». وأضاف في كلمة أمام نواب حزبه في البرلمان: «بدأنا منذ أيام تدخلات حقيقية ضد هذه المنظمة الإرهابية، ولن نسمح للراغبين في إغراق سورية في الدم والنار مجدداً، من خلال تنفيذ مخططاتهم عبر تحريض نظام بشار الأسد من جهة، وإطلاق يد تنظيم داعش من جهة أخرى». وزاد: «نعلم بوجود مساع لإطلاق يد داعش مجدداً عبر عناصرها التي تلقت التدريب من أوساط معروفة، وانتشرت في المنطقة». وشدد على أن تحقيق الاستقرار في سورية يأتي في مقدمة المصالح القومية لتركيا، و «هذا الأمر ضروري لأننا وعدنا إخوتنا السوريين بذلك، وعلينا الوفاء بتعهداتنا».
وتزامن التصعيد التركي مع الإعلان عن استكمال التدريب للعسكريين الأتراك والأميركيين، لتسيير دوريات مشتركة في مدينة منبج (شمال سورية).
على صلة، اعتبر الناطق باسم «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) أمجد عثمان أن التصعيد الأخير شرق الفرات «يعني في أحد جوانبه أن تركيا لن تحقق المزيد في ملف منبج، إلى جانب أنه استغلال سيء للقمة الرباعية في إسطنبول، والتي ضمت فرنسا المحتفظة بوجودها العسكري شرق الفرات ضمن التحالف الدولي». وأضاف لـ «الحياة»: «تسعى تركيا إلى تقويض الأمن والاستقرار شرق الفرات، وضرب أسس أي مشروع ديموقراطي يؤسس للحل في سورية، ولا نرى أي مبرر لهذا التصعيد سوى نشر الفوضى واحتلال المزيد من الأراضي السورية».
وقال مسؤول مكتب العلاقات في «حركة المجتمع الديموقراطي» ألدار خليل لـ «الحياة»: «يبدو أن أردوغان مستمر في مطامعه في سورية، ويبدو أنه يُسخر الاجتماع الرباعي لتوجيه رسائل». وندد بـ «صمت الأمم المتحدة حيال إبادة أمة (الأكراد)». ودعا المجتمع الدولي إلى «اتخاذ موقف حيال التهديدات التركية غير المقبولة».
إلى ذلك، أثار الاتفاق الروسي - التركي في شأن التعاطي مع مدينة إدلب ومحيطها (شمال غربي سورية)، للمرة الأولى، سجالاً مبطناً بين موسكو ودمشق، على خلفية اتهامات وجهها وزير الخارجية السوري وليد المعلم لأنقرة بـ «عدم التزامها اتفاق إقامة منطقة منزوعة السلاح خالية من المتشددين».
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن المعلم قوله في دمشق: «لا يزال الإرهابيون موجودين بأسلحتهم الثقيلة في هذه المنطقة، وهذا مؤشر إلى عدم رغبة تركيا في تنفيذ التزاماتها، وبالتالي ما زالت مدينة إدلب تحت سيطرة الإرهاب المدعوم من تركيا والغرب».
وسارع الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إلى الدفاع عن أنقرة، مشيراً إلى أنها «تفعل ما بوسعها لالتزام التعهدات الصعبة لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب، وروسيا لا ترى أن الاتفاق مهدد بالفشل». وأضاف: «لا نرى تهديداً حتى الآن... للأسف لا يسير كل شيء وفقاً لما هو مخطط».
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن اتفاق إدلب «يسير وفق الخطة الموضوعة، وليست هناك مشاكل في تنفيذه». وتعهد تدخل بلاده «إذا اتخذت جماعات إرهابية أو متشددة توجهاً مختلفاً» في إدلب. ورأى أن «إيران تُعتبر أكثر دولة داعمة للاتفاق، ولديها مساهمات كبيرة في إنجاح مسار آستانة واتفاق سوتشي».
يأتي ذلك في وقت احتدم التوتر في إدلب بين «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، و «الجبهة الوطنية للتحرير» التي تضم مجموعة من الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة. وأفيد بأن «مواجهات اندلعت بين الطرفين في بلدة كفر حمرة غرب مدينة حلب، قُتل وجرح على إثرها 13 عنصراً». واتهمت «تحرير الشام» «الجبهة الوطنية» باغتيال اثنين من قادتها، محملة إياها مسؤولية التصعيد العسكري في المنطقة. وهددت بـ «الرد على أي محاولة لاستهداف مقراتها وعناصرها».