النجاح الإخباري - يجمع توافقٌ نادرٌ القوى السياسية في لبنان على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، في ضوء تداعيات التطورات الإقليمية والدولية، لكن عقبات "تمثيلية" إضافة إلى سلاح ميليشيا حزب الله ، تقف في طريق الحكومة الجديدة.
ويباشر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مشاوراته مع الكتل السياسية الاثنين في مجلس النواب.
لكن مطالب القوى والأحزاب سبقت اللقاءات في اتصالات ورسائل علنية أرسلت إلى بيت الوسط، في بيروت، مقر إقامة الحريري.
وتحاول جميع الكتل النيابية تحسين تمثيلها الوزاري استناداً إلى حجمها النيابي المستجد بعد الانتخابات الأخيرة.
ويمكن حصر عقبات التمثيل السياسي والطائفي في ثلاث نقاط أساسية:
- التمثيل السني: يسعى من خلاله حزب الله إلى توزير شخصيات سنية تمثل الكتلة السنية من حلفائه التي فازت في الانتخابات وهي تتألف من عشر نواب يمثلون خصوماً للحريري.
- التمثيل المسيحي: الصراع بين القطبين المسيحيين، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
إذ تصر القوات على الحصول على وزارات توازي حجمها النيابي بعدما تضاعفت كتلتها في البرلمان من 8 نواب إلى 15 نائبا، في حين يرفض التيار الوطني الحر هذا المطلب في سياق سعيه لتحجيم القوات والحؤول دون ظهورها شريكاً في الساحة المسيحية.
ويرى مراقبون ذلك بداية مبكرة للمعركة الرئاسية بعد انتهاء عهد ميشال عون، الذي يطمح لخلافته، صهره ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وتطالب القوات بوزارة سيادية وأخرى خدماتية بالإضاقة الى أربع وزارات أخرى على قاعدة الاتفاق المبرم مع التيار الوطني الحر، والذي قضى بحسب مصادر قواتية بأن يتم تقاسم الحصص المسيحية الوزارية بين الطرفين.
لكن التيار الوطني الذي يطالب بحصة منفصلة عن حصة رئيس الحكومة لا يرى المجال متاحا لمثل هذه الحصة، لاسيما أن الحكومة المقترحة ستتألف من 30 وزيراً، وإن شهدت الأروقة السياسية طرح توسيعها إلى 32 لتلبية مطالب كل الكتل.
-التمثيل الشيعي: لن يبدي الثنائي الشيعي أي مرونة في طلبهما الحصول على ستة مقاعد يتم تقاسمها مناصفة بين حزب الله وحركة أمل.
لكن المستجد في مطالبهما، هو اهتمام حزب الله في الحصول على حصة أكبر مما كان يفعل في الحكومات الماضية، وهو ما يرجعه المراقبون إلى سعيه لتحصين نفسه داخل مؤسسات الدولة اللبنانية، توازياً مع الحصة الوازنة التي باتت في جعبته بالبرلمان اللبناني.
وبدرجة تعقيد أقل، تبرز أزمة مطالبة حزب الله وحلفائه بتوزير النائب طلال أرسلان عن أحد المقاعد الوزارية الثلاثة المخصصة للطائفة الدرزية، وهو ما لم يلق تجاوباً، حتى الساعة، من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، لاسيما بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت بين مناصري الطرفين عقب الانتخابات النيابية، وأسفرت عن مقتل أحد عناصر الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه جنبلاط.
لكن أحد الحلول المطروحة يقضي بإعطاء جنبلاط مقعداً لوزير مسيحي مقابل مقعد أرسلان، وهو ما يعقد أزمة التمثيل المسيحي الشائكة بتعدد أحزابها ومطالب قياداتها وحساباتهم الطائفية.
أزمة في الأفق
وفيما تتواصل الاتصالات لتذليل عقبات التمثيل الطائفي والسياسي في الحكومة المرتقبة، ينتظر الحريري أزمة سياسية ستعترض مهمته في مرحلة إعداد البيان الوزاري لحكومته التي يتوقع أن تستمر لأربع سنوات مقبلة، في حال لم تحصل تطورات سياسية أو أمنية تسقطها.
ويتوقع اللبنانيون سجالات سياسية على خلفية توضيح مواقف الحكومة الجديدة في بيانها الوزاري من مسألتي سلاح حزب الله والتنسيق مع الحكومة السورية.
فإدراج البند المتعلق بسلاح حزب الله سيأخذ حيزاً من النقاش قبل أن يُبتدع حل لغوي يعفي الحكومة من المساءلة الدولية كما جرى في الحكومات السابقة منذ العام 2005.
وفي ذات الوقت، يبقى البند المتعلق بالتنسيق مع السلطات السورية تحديا أمام الحريري في وقت يطالب حلفاؤه في التيار الوطني الحر، بالاتصال بالحكومة السورية لحل أزمة اللاجئين السوريين وإعادتهم في أسرع وقت ممكن.