نابلس - النجاح الإخباري - أنهى مركز التخطيط الحضري والحد من مخاطر الكوارث في جامعة النجاح الوطنية الحزمة الأولى من مشروع مدن الغد والتي تحمل عنوان (الرؤى المستقبلية).
ويهدف المشروع بشكلٍ رئيس إلى التأثير في صنّاع القرار لرسم سياسات ونظم حضرية يكون من شأنها تخطيط مناطق التوسع المستقبلية والمناطق الفارغة في نابلس، بحيث تكون آمنة وتراعي معايير الحد من مخاطر الكوارث.
وقد تم تنفيذ هذه الحزمة بحضور فريقٍ من المنظمة الدولية لمدن الغد، وبمشاركة الفريق الفلسطيني وشريحة واسعة من ممثلي المجتمع المحلي. وتأتي أهمية هذه الورش كون أنه مع توسع نابلس وتزايد عدد سكانها فإن مخاطر عدة مثل الزلازل والانزلاقات الأرضية والفيضانات والحرائق ستزداد، وقد يتم الحكم على آلاف الناس بالمعاناة لعقود من ويلات المخاطر ما لم يتم التخطيط اليوم لتلك التهديدات المستقبلية.
وأفتتح حزمة الأعمال هذه الدكتور سائد الخياط منسق المراكز العلمية في جامعة النجاح الوطنية، والذي أكد على الدور الكبير الذي تلعبه هذه المراكز في إيصال آخر ما توصل إليه العالم من معارف وعلوم بل وتطبيقه على أرض الواقع.
ووأشار الأستاذ الدكتور جلال الدبيك قائد الفريق الفلسطيني لمدن الغد ومدير مركز التخطيط الحضري والحد من مخاطر الكوارث، أنه قد آن الأوان إلى التوقف عن ردود الفعل الارتجالية فيما يتعلق بمخاطر الكوارث في فلسطين وضرورة الانتقال من أسلوب ردة الفعل إلى الفعل المسبق، موضحاً أن هذا المشروع من شأنه الدفع باتجاه اتخاذ قرارات اليوم لتقليل المخاطر الناجمة عن الكوارث التي من المحتمل أن تحدث بعد ثلاثين عاماً.
فيما طرح الدكتور جمال الدبيك الخبير في نمذجة مخاطر الكوارث أسئلة مهمة من بينها: (ماذا سيحصل إذا تكرر الزلزال الذي وقع عام 1927 في نابلس الآن؟ وماذا يمكن أن يحدث إذا تكرر ذات الزلزال عام 2050؟ وما حجم الدمار الذي سيحصل؟ وما حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات؟ واستعرض النتائج المحتملة في حال بقي التخطيط سارياً كما هو الآن طيلة السنوات القادمة، وقارنه بالسيناريو الأفضل الممكن حدوثه وتقليص الخسائر فيما لو تم اليوم اتخاذ قرارات أخرى تراعي معايير الحد من مخاطر الكوارث). فيما استعرض الدكتور كريم الجوهري من كلية لندن الجامعية خرائط لنابلس لا سيما لمناطق التوسع موضوع الدراسة، مشيراً أن أكثر من ستين بالمئة من المناطق التي ستصبح جزءاً من المدينة في المستقبل لا تزال فارغة، وهنا فرصة اتخاذ الجاهزية.
وقد اشتملت المرحلة الرئيسة من حزمة الأعمال الأولى على عقد ورشات عمل على مرحلتين؛ الأولى كانت لتدريب الفريق الفلسطيني لمدن الغد وإجراء محاكاة تجريبية على مدار يومين متتاليين، أما الثانية فقد جاءت على يومين أيضاً، وتضمنت دعوة ممثلين من المجتمع المحلي من عدة قطاعات تم اختيارها بعناية لتمثل كافة شرائح المجتمع في نابلس مثل كبار السن والنساء والشباب وذوي الإعاقة وسكان العمارات، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني وغيرهم، كما خاض الفريق الفلسطيني تجربةً رائدة من خلال قيامه بدعوة مجموعة مجتمعية من الأطفال ممن هم دون سن إثنى عشر عاماً، والذين جلسوا جنباً إلى جنب في غرفة عمل بجوار البالغين ومروا بذات العملية لكن بإخراج يتناسب مع أعمارهم.
وقد تم إجراء عصف ذهني وحوارات داخل كل مجموعة مجتمعية، وكان لكل مجموعة ميسر ومدوّن لتوثيق كافة الملاحظات والآراء التي تخرج منهم، ومُخطط يقوم بترجمة الأفكار إلى رسومات على الخرائط من أجل الوصول إلى الرؤى المستقبلية المختلفة للمناطق التي لم يتم بناؤها بعد. حيث تم التوصل إلى مجموعة من الخيارات والسياسات التي ترسم مسارات للتنمية المستدامة التي ستكون عليها المدينة في المستقبل. وقد تم جمع المعلومات الفنية حول المخاطر التي تهدد مناطق التوسع لتتم تغذيتها في الحزم اللاحقة في نماذج تحاكي رؤى التنمية المختلفة للوصول إلى سيناريوهات المخاطر المحتملة.
ويتكون هذا المشروع من عدة حُزم من الأعمال التي تتعلق بالجوانب الاجتماعية ورسم السياسات والتخطيط، بدءاً برسم الرؤى المستقبلية من منظور الفئات المجتمعية، وقد تمت ترجمة هذه الرؤى من خلال إعداد مخططات مكانية تفصيلية وفقاً لنظم المعلومات الجغرافية، تليها مرحلة بناء السيناريوهات المستقبلية من خلال عمل محاكاة لحالة المناطق المدروسة وما ستكون عليه بعد 30 سنة، ومن ثم تعريضها لعدة اخطار محتملة واجراء تقييم للمخاطر الناتجة عن جميع الاحتمالات، والخروج بمقارنة للخسائر أو المكاسب الحضرية فيما لو استمر الوضع التخطيطي الحالي لثلاثين سنة قادمة كما هو عليه الآن أو إن تم اتباع السيناريوهات المستقبلية المعدلة، بما يؤدي إلى توفير بيئة داعمة لصناع القرار، للوصول إلى نتيجة مفادها أن القرارات والسياسات التي يتم اتباعها اليوم سيجني ثمارها أبناء الغد. ومن الأركان الأساسية في مشروع مدن الغد هو تطوير بيئة دعم القرار"TCDSE" التي تتخطى حدود نماذج المخاطر التقليدية، إلى نماذج تضع الإنتاج المشترك للمعرفة في صميم عملية صنع القرار الواعية بالمخاطر المحتملة.
وكان قد أعلن في الرابع والعشرين من أيار الماضي عن انضمام نابلس إلى منظومة مدن الغد الدولية لتكون بذلك أول مدينة عربية، وخامس دولة في العالم تنضم إلى هذه المنظومة العالمية. وتوفر مدن الغد فرصاً للتقريب بين وجهات النظر المختلفة بين المخططين الحضريين والسكان، للجمع بين خبرة المواطنين ورؤيتهم، والجهات الفاعلة في السياسة، وبناء علاقات تعاون فعّالة بهدف تجنيب الناس مخاطر الكوارث. وتعمل على تقديم نهج جديد متكامل للتخطيط، واتخاذٍ للقرارات يأخذان بالحسبان المخاطر التي تحوم حول مدن الغد.