النجاح الإخباري - إن الله عز وجل هو الرحمن الرحيم، الغفور التواب، يقبل توبة من تاب إليه وأناب، ويكفر عنه السيئات، ويحولها إلى حسنات غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ [غافر:3]، أليس هو الذي قال: أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ [التوبة:104]، أليس هو من نادى عباده -جل شأنه- فقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25] قال ابن كثير -رحمه الله-: "يقول تعالى ممتنًا على عباده بقبول توبتهم إذا تابوا ورجعوا إليه؛ أنه من كرمه وحلمه يعفو ويصفح، ويستر ويغفر كقوله -عز وجل-: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:110] وقوله -عز وجل-: وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ أي: يقبل التوبة في المستقبل، ويعفو عن السيئات في الماضي وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ أي هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم، ومع هذا يتوب على من تاب إليه" [مختصر ابن كثير:3/ 322].
أنا مخطئ أنا مذنب أنا عاصي هو راحم هو غافر هو عافي
قابلتهن ثلاثة بثلاثة فلتغلبن أوصافه أوصاف
هنيئًا لمن أقبل على الله -عز وجل- بتوبة نصوح يكفر الله عنه بها سيئاته، ويكثر بها حسناته، هنيئًا له مع ذلك كونه في شهر يتيسر فيه طريق التوبة، ويسهل فيه الرجوع إلى الله، وذلك مع كثرة التائبين، وما في هذا الشهر من كثرة المغفرة من الله، والعتق من النار، وأمور تسهل على التائب ما كان يصعب عليه، وتمهِّد له ما كان يتطلع إليه.
إن من أعظم ما يجده التائب أن تبدل سيئاته حسنات، فكم عنده من السيئات، وكم اقترف من الخطيئات، وكم جمع من الزلات؛ يقول -جل في علاه- وهو يذكر شيئًا من أكبر الكبائر: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الفرقان:68-70] وبشرى أخرى للتائبين يزفها النبي -ﷺ- فعن أبي طويل شَطْبٍ الممدود – رضي الله عنه -: "أنه أتى رسول الله -ﷺ- فقال: أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها؛ فهل له من توبة؟ قال: فهل أسلمت؟، قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله، قال: نعم، تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيرات كلهن، قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: نعم، فقال: الله أكبر، فما زال يكبر حتى توارى" [رواه الطبراني في الكبير:7251، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة:3391].
فإلى رحاب الله.. إلى بر الأمان.. والرحمة والغفران.. إلى التوبة في شهر التوبة.. والندم بين يدي رب الأرض السماوات.. إلى تبديل السيئات حسنات.
فاللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وتجاوز عن زلاتنا، اللهم اغفر الخطيئات، واعف عن الهفوات، وبدل السيئات حسنات.